للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التَّقْلِيدِ، فَلَمْ يُرَجِّحْ وَلَمْ يُزَيِّفْ وَلَمْ يُصَوِّبْ وَلَمْ يُخَطِّئْ (١).

وَمَن كَانَ عِنْدَهُ مِن الْعِلْمِ وَالْبَيَانِ مَا يَقُولُهُ سُمِعَ ذَلِكَ مِنْهُ، فَقُبِلَ مَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ حَقٌّ، وَرُدَّ مَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ بَاطِلٌ، وَوُقِفَ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ فِيهِ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ، وَاللهُ تَعَالَى قَد فَاوَتَ بَيْنَ النَّاسِ فِي قُوَى الْأَذْهَانِ، كَمَا فَاوَتَ بَيْنَهُم فِي قُوَى الْأَبْدَانِ.

وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ (٢) وَنَحْوُهَا فِيهَا مِن أَغْوَارِ الْفِقْهِ وَحَقَائِقِهِ مَا لَا يَعْرِفُهُ إلَّا مَن عَرَفَ أَقَاوِيلَ الْعُلَمَاءِ وَمَآخِذَهُمْ.

فَأمَّا مَن لَمْ يَعْرِفْ إلَّا قَوْلَ عَالِمٍ وَاحِدٍ وَحُجَّتَهُ دُونَ قَوْلِ الْعَالِمِ الْآخَرِ وَحُجَّتِهِ: فَإِنَّهُ مِن الْعَوَامِّ الْمُقَلِّدِينَ، لَا مِن الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ يُرَجِّحُونَ وَيُزَيِّفُونَ. [٣٥/ ٢٣٣]

* * *

[التحذير من امتحان الناس بمسألة اجتهادية]

٢٠٦١ - لَا يَنْبَغِي لِأَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يَجْعَلُوا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ: [رؤية الكفار ربّهم]: مِحْنَةً وَشِعَارًا يُفَضِّلُونَ بِهَا بَيْنَ إخْوَانِهِمْ وَأَضْدَادِهِمْ؛ فَإنَّ مِثْل هَذَا مِمَّا يَكْرَهُهُ اللهُ وَرَسُولُهُ.

وَكَذَلِكَ لَا يُفَاتِحُوا فِيهَا عَوَامَّ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ هُم فِي عَافِيَةٍ وَسَلَامٍ عَن الْفِتَنِ (٣)، وَلَكِنْ إذَا سُئِلَ الرَّجُلُ عَنْهَا أَو رَأَى مَن هُوَ أَهْلٌ لِتَعْرِيفِهِ ذَلِكَ أَلْقَى إلَيْهِ


(١) وعامة التعصب للأقوال أو للأشخاص، وعامة الردود على الأقوال والأشخاص: إنما يكون من العوام أو من أنصاف طلاب العلم، وهؤلاء كما قال الشيخ: لا يجوز لهم أن يصوبوا قولًا على قول، أو شخصًا على شخص، أو يُخطئوا ويردوا على من اجتهد من العلماء أو الدعاة أو المصلحين، بل يلزموا عتبة التقليد لمن يثقون به، ويكفوا ألسنتهم وأقلامهم عن الوقوع في أعراض المجتهدين والمصلحين ولو أخطؤوا خطأ أداه إليه اجتهادهم.
(٢) وهي: مَن هم أهل الكتاب الذين تحل ذبائحهم ونساؤهم.
(٣) فلا يجوز امتحان الناس بالجماعة الفلانية، أو بالشيخ الفلاني، كمن يمتحن أحدًا بمحبة =

<<  <  ج: ص:  >  >>