للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[تتمة للفوائد المنتقاة من العقيدة الواسطية]

٣١١ - أَنَا لَمْ يَصْدُرْ مِنِّي قَطُّ إلَّا جَوَابُ مَسَائِلَ، وَإِفْتَاءُ مُسْتَفْتٍ، ما كَاتَبْت أَحَدًا أَبَدًا، وَلَا خَاطَبْته فِي شَيْءٍ مِن هَذَا؛ بَل يَجِيئُنِي الرَّجُلُ الْمُسْتَرْشِدُ الْمُسْتَفْتِي بِمَا أنْزَلَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ فَيَسْألُنِي مَعَ بُعْدِهِ، وَهُوَ مُحْتَرِقٌ عَلَى طَلَبِ الْهُدَى، أَفَيَسَعُنِي فِي دِينِي أَنْ أَكْتُمَهُ الْعِلْمَ؟

وَقَد قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-"مَن سُئِلَ عَن عِلْمٍ يَعْلَمُهُ فَكَتَمَهُ أَلجَمَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِلِجَام مِن نَارٍ" (١).

وَقَد قَالَ اللهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (١٥٩)} [البقرة: ١٥٩].

أَفَعَلَى أَمْرِك أَمْتَنِعُ عَن جَوَابِ الْمُسْتَرْشِدِ لِأَكُونَ كَذَلِكَ؟ وَهَل يَأُمُرُنِي بِهَذَا السُّلْطَانُ أَو غَيْرُهُ مِن الْمُسْلِمِينَ؟. [٣/ ٢٥٨ - ٢٥٩]

٣١٢ - لَو كَانَ الَّذِي حَكَمَ بِهِ ابْن مَخْلُوفٍ هُوَ مَذْهَب مَالِكٍ أَو الْأشْعَرِيِّ: لَمْ يَكُن لَهُ أَنْ يُلْزِمَ جَمِيعَ النَّاسِ بِهِ وَيُعَاقِبَ مَن لَمْ يُوَافِقْهُ عَلَيْهِ بِاتِّفَاقِ الْأُمَّةِ، فَكَيْفَ وَالْقَوْلُ الَّذِي يَقُولُهُ وَيُلْزِمُ بِهِ هُوَ خِلَافُ نَصِّ مَالِكٍ وَأَئِمَّةِ أَصْحَابِهِ، وَخِلَافُ نَصِّ الْأشْعَرِيِّ وَأَئِمَّةِ أَصْحَابِهِ؟.

ثُمَّ لَو فُرِضَ أَنَّ هَذَا الَّذِي حَكَمَ فِيهِ مِمَّا يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ: لَمْ يَكن لَهُ أَنْ يَنْقُضَ حُكْمَ غَيْرِهِ، فَكَيْفَ إذَا نقضَ حُكْم حُكَّامِ الشَّامِ جَمِيعِهِمْ بِلَا شُبْهَةٍ؛ بَل بِمَا يُخَالِفُ دِينَ الْمُسْلِمِينَ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ؟ [٣/ ٢٦٨]

٣١٣ - نَحْن إنَّمَا نَدْخُلُ فِيمَا يُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ، لَيْسَ لنَا غَرَضٌ مَعَ أَحَدٍ؛ بَل نَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ وَنَعْفُو وَنَغْفِرُ. [٣/ ٢٧٠]


(١) رواه أبو داود (٣٦٥٨)، والترمذي (٢٦٤٩)، وقال: حديث حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>