ثُمَّ إنْ عُرِفَ مِن حَالِهِ أَنَّهُ يَلْتَزِمُهُ بَعْدَ ظُهُورِهِ لَهُ: فَقَد يُضَافُ إلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُضَافَ إلَيْهِ قَوْلٌ لَو ظَهَرَ لَهُ فَسَادُهُ لَمْ يَلْتَزِمْهُ؛ لِكَوْنِهِ قَد قَالَ مَا يَلْزَمُهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ بِفَسَادِ ذَلِكَ الْقَوْلِ وَلَا يَلْزَمُهُ.
وَهَذَا التَّفْصِيلُ فِي اخْتِلَافِ النَاسِ فِي لَازِمِ الْمَذْهَبِ: هَل هُوَ مَذْهَبٌ أَو لَيْسَ بِمَذْهَبٍ؟ هُوَ أَجْوَدُ مِن إطْلَاقِ أَحَدِهِمَا، فَمَا كَانَ مِن اللَّوَازِمِ يَرْضَاهُ الْقَائِلُ بَعْدَ وُضُوحِهِ لَهُ فَهُوَ قَوْلُهُ، وَمَا لَا يَرْضَاهُ فَلَيْسَ قَوْلُهُ وَإِن كَانَ مُتَنَاقِضًا. [٢٩/ ٤١ - ٤٢]
* * *
[رفع الملام عن الأئمة الأعلام]
١٢٤٤ - يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ مُوَالَاةِ اللهِ وَرَسُولِهِ مُوَالَاةُ الْمُؤمِنِينَ كَمَا نَطَقَ بِهِ الْقُرْآنُ، خُصُوصًا الْعُلَمَاءُ الَّذِينَ هُم وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، الَّذِين جَعَلَهُم اللهُ بِمَنْزِلَةِ النُّجُومِ يُهْتَدَى بِهِم فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، وَقَد أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى هِدَايَتِهِمْ وَدِرَايَتِهِمْ، إذ كَلُّ أُمَّةٍ قَبْلَ مَبْعَثِ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- فَعُلَمَاؤُهَا شِرَارُهَا، إلَّا الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ عُلَمَاءَهُم خِيَارُهُم؛ فَإِنَّهُم خُلَفَاءُ الرَّسُولِ فِي أُمَّتِهِ، والمحيون لِمَا مَاتَ مِن سُنَّتِهِ، بِهِم قَامَ الْكِتَابُ وَبِهِ قَامُوا، وَبِهِم نَطَقَ الْكِتَابُ وَبِهِ نَطَقُوا.
وَليُعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْمَقْبُولِينَ عِنْدَ الْأمَّةِ قَبُولًا عَامًّا يَتَعَمَّدُ مُخَالَفَةَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي شَيءٍ مِن سُنَتِهِ؛ دَقِيقٍ وَلَا جَلِيلٍ؛ فَإِنَّهُم مُتَّفِقُونَ اتِّفَاقًا يَقِينِيًّا عَلَى وُجُوبِ اتِّبَاعِ الرَّسُولِ، وَعَلَى أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ يُؤخَذُ مِن قَوْلِهِ ويُتْرَكُ إلَّا رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَلَكنْ إذَا وُجِدَ لِوَاحِدٍ مِنْهُم قَوْلٌ قَد جَاءَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ بِخِلَافِهِ فَلَا بُدَّ لَهُ مِن عُذْرٍ فِي تَرْكِهِ.
وَجَمِيعُ الْأَعْذَارِ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ:
أَحَدُهَا: عَدَمُ اعْتِقَادِهِ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَهُ.
وَالثَّانِي: عَدَمُ اعْتِقَادِهِ إرَادَةَ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ بِذَلِكَ الْقَوْلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute