للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[القياس]

١٩٦٨ - الْقِيَاسُ الصَّحِيحُ نَوْعَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ لَا فَارِقَ بَيْنَ الْفَرْعِ وَالْأَصْلِ إلَّا فَرْقٌ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ فِي الشَّرْع؛ كَمَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي الصحيح أَنَّهُ سُئِلَ عَن فَأرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ فَقَالَ: "ألقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا وَكُلُوا سَمْنَكُمْ"، وَقَد أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِتِلْكَ الْفَأرَةِ وَذَلِكَ السَّمْنِ؛ فَلِهَذَا قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ: إنَّهُ أَيُّ نَجَاسَةٍ وَقَعَتْ فِي دُهْنٍ مِنَ الْأَدْهَانِ كَالْفَأرَةِ الَّتِي تَقَعُ فِي الزَّيْتِ وَكَالْهِرِّ الَّذِي يَقَعُ فِي السَّمْنِ فَحُكْمُهَا حُكْمُ تِلْكَ الْفَأرَةِ الَّتِىِ وَقَعَتْ فِي السَّمْنِ.

وَالنّوْعُ الثَّانِي مِنَ الْقِيَاسِ: أَنْ يَنُصَّ عَلَى حُكْمٍ لِمَعْنًى مِنَ الْمَعَانِي، وَيَكُونُ ذَلِكَ الْمَعْنَى مَوْجُودًا فِي غَيْرِهِ، فَإِذَا قَامَ دَلِيلٌ مِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ مُتَعَلّق بِالْمَعْنَى الْمُشْتَرِكِ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ سُوّيَ بَيْنَهُمَا، وَكَانَ هَذَا قِيَاسًا صَحِيحًا.

فَهَذَانِ النَّوْعَانِ كَانَ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ لَهُم بِإِحْسَانٍ يستعملونهما، وَهُمَا مِن بَابِ فَهْمِ مُرَادِ الشَّارعِ.

وَالْقِيَاسُ الصَّحِيحُ مِن بَابِ الْعَدْلِ؛ فَإِنَّهُ تَسْوِيَة بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ وَتَفْرِيقٌ بَيْنَ الْمُخْتَلِفَيْنِ، وَدَلَالَةُ الْقِيَاسِ الصَّحِيحِ تُوَافِقُ دَلَالَةَ النَّصِّ، فَكُلُّ قِيَاسٍ خَالَفَ دَلَالَةَ النَّصّ فَهُوَ قِيَاسٌ فَاسِدٌ، وَلَا يُوجَدُ نَصّ يُخَالِفُ قِيَاسًا صَحِيحًا، كَمَا لَا يُوجَدُ مَعْقُولٌ صَرِيحٌ يُخَالِفُ الْمَنْقُولَ الصَّحِيحَ. [١٩/ ٢٨٥ - ٢٨٩]

١٩٦٩ - مَا عَرَفْت حَدِيثًا صَحِيحًا إلَّا وَيُمْكِنُ تَخَرُّجُهُ عَلَى الْأُصُولِ الثَّابِتَةِ، وَقَد تَدَبَّرْت مَا أَمْكَنَنِي مِن أَدِلَّةِ الشَّرْعِ فَمَا رَأَيْت قِيَاسًا صَحِيحًا يُخَالِفُ حَدِيثًا

<<  <  ج: ص:  >  >>