للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِن التَّفَاضُلِ مَا يُبَيِّنُ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ أَحَدٌ مِثْل مَنَازِلهِم الَّتِي أَدْرَكُوهَا بِصُحْبَةِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-. [٤/ ٥٢٧]

* * *

(الردّ على من زعم أنّ أبا هريرة ليس فقيهًا، وردّ حديث الْمُصَرَّاةِ)

١٢٢٦ - سُئِلَ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-: عَن رَجُل يُنَاظِرُ مَعَ آخَرَ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَرَّاةِ وَرَدِّهَا إذَا أَرَادَ الْمُشْتَرِي؛ فَاسْتَدَلَّ مَن ادَّعَى جَوَازَ الرَّدِّ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، فَعَارَضَهُ الْخَصْمُ بِأَنْ قَالَ: أَبُو هُرَيْرَةَ لَمْ يَكُن مِن فُقَهَاءِ الصَّحَابَةِ؟.

فَأَجَابَ: هَذَا الرَّادُّ مُخْطِئٌ مِن وُجُوهٍ:

أَحَدُهَا: قَوْلُهُ: إنَّهُ لَمْ يَكُن مِن فُقَهَاءِ الصَّحَابَةِ؛ فَإِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَلَّى

أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَى الْبَحْرَيْنِ، وَهُم خِيَارُ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ هَاجَرَ وَفْدُهُم إلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وَهُم وَفْدُ عَبْدُ الْقَيْسِ، وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ -أَمِيرَهُم-، هُوَ الَّذِي يُفْتِيهِمْ بِدَقِيقِ الْفِقْهِ.

الثَّانِي: أَنْ يُقَالَ لِهَذَا الْمُعْتَرِضِ: جَمِيعُ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ عَمِلَتْ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِيمَا يُخَالِفُ الْقِيَاسَ وَالظَّاهِرَ.

الثَّالِثُ: أَنْ يُقَالَ: الْمُحَدِّثُ إذَا حَفِظَ اللَّفْظَ الَّذِي سَمِعَهُ لَمْ يَضُرّهُ أَنْ لَا يَكُونُ فَقِيهًا؛ كَالْمُلَقِّنِينَ بِحُرُوفِ الْقُرْآنِ، وَأَلْفَاظِ التشَهُّدِ وَالْأذَانِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَقَد قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "نَضَّرَ اللهُ امْرَأً سَمِعَ حَدِيثًا فَبَلَّغَهُ إلَى مَن لَمْ يَسْمَعْهُ، فَرُب حَامِلِ فِقْهٍ غَيْر فَقِيهٍ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إلَى مَن هُوَ أفقَهُ مِنْهُ" (١)، وَهَذَا بَيِّن فِي أَنَّهُ يُؤخَذُ حَدِيثُهُ الَّذِي فِيهِ الْفِقْهُ مِن حَامِلِهِ الَّذِي لَيْسَ بِفَقِيه، وَيأْخُذُ عَمَّن هُوَ دُونَهُ فِي الْفِقْهِ (٢).


(١) رواه أبو دا ود (٣٦٦٠)، والترمذي (٢٦٥٦)، وابن ماجه (٢٣٠)، والدارمي (٢٣٥)، وأحمد (١٦٧٣٨)، وقال الترمذي: حديث حسن.
(٢) أي: يأخذ الحافظ للأحاديث عمن دونه في الحفظ فقه الحديث إذا كان أفقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>