للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ

وَكَذَلِكَ "قَسْمُ الاِبْتِدَاءِ وَالْوَطْءِ وَالْعِشْرَةِ وَالْمُتْعَةِ": وَاجِبَانِ. وَمَن شَكَّ فِي وُجُوبِ ذَلِكَ فَقَد أَبْعَدَ تَأَمُّلَ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالسِّيَاسَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ (١).

فصْل

وَكَذَلِكَ مَا عَلَيْهَا مِن مُوَافَقَتِهِ فِي الْمَسْكَنِ وَعِشْرَتِهِ وَمُطَاوَعَتِهِ فِي الْمُتْعَةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهَا بِالاِتِّفَاقِ، عَلَيْهَا أَنْ تَسْكُنَ مَعَهُ فِي أَيِّ بَلَدٍ أَو دَارٍ إذَا كَانَ ذَلِكَ بِالْمَعْرُوفِ وَلَمْ تَشْتَرِطْ خِلَافَهُ، وَعَلَيْهَا أَنْ لَا تُفَارِقَ ذَلِكَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ إلَّا لِمُوجِبٍ شَرْعِيٍّ، فَلَا تَنْتَقِلُ وَلَا تُسَافِرُ وَلَا تَخْرُجُ مِن مَنْزِلِهِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ إلَّا بِإِذْنِهِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "فَإِنَّهُنَّ عَوَان عِنْدَكُمْ" (٢) بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ وَالْأَسِيرِ، وَعَلَيْهَا تَمْكينُهُ مِن الاِسْتِمْتَاعِ بِهَا إذَا طَلَبَ ذَلِكَ، وَذَلِكَ كُلُّهُ بِالْمَعْرُوفِ غَيْرِ الْمُنْكَرِ.

فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَمْتِعَ اسْتِمْتَاعًا يَضُرُّ بِهَا، وَلَا يُسْكِنَهَا مَسْكَنًا يَضُرُّ بِهَا، وَلَا يَحْبِسَهَا حَبْسًا يَضُرُّ بِهَا.

فَصْلٌ

وَتَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ: هَل عَلَيْهَا أَنْ تَخْدِمَهُ فِي مِثْل فِرَاشِ الْمَنْزِلِ، وَمُنَاوَلَةِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْخُبْزِ، وَالطَّحْنِ وَالطَّعَامِ لِمَمَالِيكِهِ وَبَهَائِمِهِ؟ فَمِنْهُم مَن قَالَ: لَا تَجِبُ الْخِدْمَةُ، وَهَذَا الْقَوْلُ ضَعِيفٌ؛ كَضَعْفِ قَوْلِ مَن قَالَ: لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْعِشْرَةُ وَالْوَطْءُ؛ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ مُعَاشَرَةً لَهُ بِالْمَعْرُوفِ.

وَقِيلَ -وَهُوَ الصَّوَابُ-: وُجُوبُ الْخِدْمَةِ؛ فَإِنَ الزَّوْجَ سَيِّدُهَا فِي كِتَاب اللّهِ، وَهِيَ عَانِيَةٌ عِنْدَهُ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَعَلَى الْعَانِي وَالْعَبْدِ الْخِدْمَةُ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَعْرُوفُ.


(١) تعبير لطيف بديع، فسياسة النفوس والأهل والأصدقاء أولى وأهم من سياسة الحكم.
(٢) رواه الترمذي (١١٦٣)، وقال: هذا حديث حسن صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>