للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

مُوَاطَأَةٍ امْتَنَعَ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ غَلَطًا، كَمَا امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ كَذِبًا؛ فَإِنَّ الْغَلَطَ لَا يَكُونُ فِي قِصَّةٍ طَوِيلَةٍ مُتَنَوِّعَةٍ، وَإِنَّمَا يَكُون فِي بَعْضِهَا.

فَإِذَا رَوَى هَذَا قِصَّةً طَوِيلَةً مُتَنَوِّعَةً، وَرَوَاهَا الْآخَرُ مِثْلَمَا رَوَاهَا الْأَوَّلُ مِن غَيْرِ مُوَاطَأةٍ: امْتَنَعَ الْغَلَطُ فِي جَمِيعِهَا، كَمَا امْتَنَعَ الْكَذِبُ فِي جَمِيعِهَا مِن غَيْرِ مُوَاطَأَةٍ.

وَلهَذَا إنَّمَا يَقَعُ فِي مِثْل ذَلِكَ غَلَطٌ فِي بَعْضِ مَا جَرَى فِي الْقِصَّةِ مِثْل حَدِيثِ اشْتِرَاءِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الْبَعِيرَ مِن جَابِرٍ؛ فَإِنَّ مَن تَأَمَّلَ طُرُقَهُ عَلِمَ قَطْعًا أَنَّ الْحَدِيثَ صَحِيحٌ، وَإِن كَانُوا قَد اخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ.

وَقَد بَيَّنَ ذَلِكَ الْبُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ" فَإِنَّ جُمْهُورَ مَا فِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ مِمَّا يُقْطَعُ بِأَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَهُ؛ لِأَنَّ غَالِبَهُ مِن هَذَا النَّحْوِ؛ وَلِأَنَّهُ قَد تَلَقَّاهُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْقَبُولِ وَالتَّصْدِيقِ، وَالْأُمَّةُ لَا تَجْتَمِعُ عَلَى خَطَاٍ؛ فَلَو كَانَ الْحَدِيثُ كَذِبًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ؛ وَالْأُمَّةُ مُصَدِّقَةٌ لَهُ قَابِلَةٌ لَهُ لَكَانُوا قَد أَجْمَعُوا عَلَى تَصْدِيقِ مَا هُوَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَذِبٌ، وَهَذَا إجْمَاعٌ عَلَى الْخَطَإِ وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ.

وَلهَذَا كَانَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِن جَمِيعِ الطَّوَائِفِ عَلَى أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ إذَا تَلَقَّتْة الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ تَصْدِيقًا لَهُ أَو عَمَلًا بِهِ أَنَّهُ يُوجِبُ الْعِلْمَ.

وَفِي التَّفْسِيرِ مِن هَذِهِ الْمَوْضُوعَاتِ قِطْعَةٌ كَبِيرَةٌ.

فَصْلٌ

وَأمَّا النَّوْعُ الثَّانِي مِن مُسْتَنَدَي الاِخْتِلَافِ: وَهُوَ مَا يُعْلَمُ بِالاِسْتِدْلَالِ لَا بِالنَّقْلِ، وهَذَا أَكْثَرُ مَا فِيهِ الْخَطَأُ مِن جِهَتَيْنِ -حَدَثَتَا بَعْدَ تَفْسِيرِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ بِإِحْسَانٍ-:

إحْدَاهُمَا: قَوْمٌ اعْتَقَدُوا مَعَانِيَ ثُمَّ أَرَادُوا حَمْلَ أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ عَلَيْهَا.

والثَّانِيَةُ: قَوْمٌ فَسَّرُوا الْقُرْآنَ بِمُجَرَّدِ مَا يُسَوِّغُ أَنْ يُرِيدَهُ بِكَلَامِهِ مَن كَانَ مِن

<<  <  ج: ص:  >  >>