أ- خَوْفًا أَلَّا يَكُونُوا قَامُوا بِوَاجِبَاتِهِ وَحَقَائِقِهِ، وَقَد قَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [المؤمنون: ٦٠]، قَالَ النَّبِي -صلى الله عليه وسلم-: "هُوَ الرَّجُلُ يَصُومُ وَيُصَلِّي وَيَتَصَدَّقُ وَيَخَافُ أَنْ لَا يُتَقَبَّلَ مِنْهُ" (١).
ب- وَاسْتَثْنَوْا أَيْضًا لِعَدَمِ عِلْمِهِمْ بِالْعَاقِبَةِ.
وَالْإِيمَانُ النَّافِعُ: هُوَ الَّذِي يَمُوتُ الْمَرْءُ عَلَيْهِ.
ج- وَاسْتَثْنَوْا خَوْفًا مِن تَزْكِيَةِ النَّفْسِ.
وَنَحْوِ ذَلِكَ مِن الْمَعَاني الصَّحِيحَةِ.
وَكَذَلِكَ مَن اسْتَثْنَى فِي أَعْمَالِ الْبِرِّ؛ كَقَوْلِهِ: صَلَّيْتُ إنْ شَاءَ اللهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ: فَهَذَا كُلُّهُ اسْتِثْنَاءٌ فِي أَفْعَالٍ لَمْ يُعْلَمْ وُقُوعُهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَأْمُورِ الْمَقْبُولِ، فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ فِيمَا لَمْ تُعْلَمْ حَقِيقَتُهُ، أَو فِي مُسْتَقْبَلٍ عُلِّقَ بِمَشِيئَةِ اللهِ، لِيُبَيِّنَ أَنَّ الْأُمُورَ كُلَّهَا بِمَشِيئَةِ اللهِ.
فَأَمَّا الِاسْتِثْنَاءُ فِي مَاضٍ مَعْلُومٍ: فَهَذِهِ بِدْعَةٌ بِخِلَافِ الْعَقْلِ وَالدِّينِ. [٨/ ٤٢٧]
* * *
(الِاسْتِثْنَاءُ بِالْمَشِيئَةِ)
٥٥٩ - الِاسْتِثْنَاءُ بِالْمَشِيئَةِ:
- يَحْصُلُ فِي الْخَبَرِ الْمَحْضِ.
- وَفِي الْخَبَرِ الَّذِي مَعَهُ طَلَبٌ.
فَالْأَوَّلُ: إذَا حَلَفَ عَلَى جُمْلَةٍ خَبَرِيَّةٍ لَا يَقْصِدُ بِهِ حَضًّا وَلَا مَنْعًا؛ بَل تَصْدِيقًا أَو تَكْذِيبًا؛ كَقَوْلِهِ: وَاللهِ لَيَكُونَنَّ كَذَا إنْ شَاءَ اللهُ، أَو لَا يَكُونُ كَذَا.
وَالْمُسْتَثْنِي قَد يَكُونُ عَالِمًا بِأَنَّ هَذَا يَكُونُ أَو لَا يَكُونُ.
(١) رواه الترمذي (٣١٥٧)، وابن ماجه (٤١٩٨)، وأحمد (٢٥٢٦٣)، وصححه الألباني في صحيح الترمذي.