الَّتِي نُهِيَ عَنْهَا، فَإِنَّ الْمُزَابَنَةَ بَيْعُ الْمَالِ بِجِنْسِهِ مُجَازَفَةً إذَا كَانَ رِبَوِيًّا بِالِاتِّفَاقِ، وَإِن كَانَ غَيْرَ رِبَوِيٍّ فَعَلَى قَوْلَيْنِ.
وَكَذَلِكَ رَخَّصَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي ابْتِيَاعِ الثَّمَرِ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ بِشَرْطِ التَّبْقِيَةِ، مَعَ أَنَّ إتْمَامَ الثَّمَرِ لَمْ يُخْلَقْ بَعْدُ وَلَمْ يُرَ، فَجَعَلَ مَا لَمْ يُوجَدْ وَلَمْ يُخْلَقْ وَلَمْ يُعْلَمْ تَابِعًا لِذَلِكَ.
وَالنَّاسُ مُحْتَاجُونَ إلَى بَيْعِ هَذِهِ النَّبَاتَاتِ فِي الأَرْضِ.
وَمِمَّا يُشْبِهُ ذَلِكَ: بَيْعُ المقاثي كمقاثي الْبِطِّيخِ وَالْخِيَارِ وَالْقِثَّاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَمِن أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا مَن يَقُولُ: لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا إلَّا لُقَطَةً لُقَطَةً، وَكَثِيرٌ مِن الْعُلَمَاءِ مِن أَصْحَابِ مَالِكٍ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا قَالُوا: إنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهَا مُطْلَقًا عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ؛ فَإِنَّ بَيْعَهَا لَا يُمْكِنُ فِىِ الْعَادَةِ إلَّا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَبَيْعُهَا لُقَطَةً لُقَطَةً إمَّا مُتَعَذِّرٌ وَإِمَّا مُتَعَسِّرٌ؛ فَإِنَّهُ لَا يَتَمَيَّزُ لُقَطَةٌ عَن لُقَطَةٍ؛ إذ كَثِيرٌ مِن ذَلِكَ لَا يُمْكِنُ الْتِقَاطُهُ وَيُمْكِنُ تَأْخِيرُهُ.
فَبَيْعُ المقثاة بَعْدَ ظُهُورِ صَلَاحِهَا كَبَيْعِ ثَمَرَةِ الْبُسْتَانِ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَإِن كَانَ بَعْضُ الْمَبِيعِ لَمْ يُخْلَقْ بَعْدُ وَلَمْ يُرَ؛ وَلهَذَا إذَا بَدَا صَلَاحُ بَعْضِ الشَّجَرَةِ كَانَ صَلَاحًا لِبَاقِيهَا بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ، وَيَكُونُ صَلَاحُهَا صَلَاحًا لِسَائِرِ مَا فِي الْبُسْتَانِ مِن ذَلِكَ النَّوْعِ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ، وَقَوْلِ جُمْهُورِهِمْ؛ بَل يَكُونُ صَلَاحًا لِجَمِيعِ ثَمَرَةِ الْبُسْتَانِ الَّتِي جَرَت الْعَادَةُ بِأَنْ يُبَاعَ جُمْلَةً فِي أَحَدِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ. [٢٩/ ٤٨٧ - ٤٨٩]
* * *
(بَابُ السَّلَمِ)
٣٦٥٧ - السَّلَمُ فِي الزَّيْتُونِ وَأَمْثَالِهِ مِن الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ: يَجُوزُ، وَمَا عَلِمْت بَيْنَ الْأَئِمَّةِ فِي ذَلِكَ نِزَاعًا.
وَلَكِنَّ النِّزَاعَ فِيمَا إذَا أَسْلَمَ فِي غَيْرِ الْمَكِيل وَالْمَوْزُونِ كَالْحَيَوَانِ وَنَحْوِهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute