للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالَّذِي اقْتَضَى شهْرَةَ الْقَوْلِ عَن أَهْلِ السُّنَّةِ بِأَنَّ الْمُتَشَابِهَ لَا يَعْلَمُ تَأِويلَهُ إلَّا اللهُ: ظُهُورُ التَّأْوِيلَاتِ الْبَاطِلَةِ مِن أَهْلِ الْبِدَعِ كالْجَهْمِيَّة وَالْقَدَرِّيَةِ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ، فَصَارَ أُولَئِكَ يَتَكَلَّمُونَ فِي تَأْوِيل الْقُرْآنِ بِرَأيِهِمُ الْفَاسِدِ، وَهَذَا أَصْلٌ مَعْرُوفٌ لِأَهْلِ الْبِدَع أَنَّهُم يُفَسِّرُونَ الْقُرْآنَ بِرَأَيِهِمُ الْعَقْلِيِّ وَتَأْوِيلِهِمُ اللُّغَوِيِّ. [١٧/ ٣٩٩ - ٤١٢]

* * *

[إشارة الآية، ومثالان]

١٤١٤ - قال ابن القيِّم رحمه الله: سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس اللّه روحه يقول: الصحيح منها (١) ما يدل عليه اللفظ بإشارته من باب قياس الأولى.

والصحيح في الآية: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (٧٩)} [الواقعة: ٧٩] أن المراد به الصحف التي بأيدي الملائكة لوجوه عديدة:

منها: أنه وصفه بأنه (مكنون) والمكنون هو المستور عن العيون وهذا إنما هو في الصحف التي بأيدي الملائكة.

ومنها: أنه قال: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (٧٩)} وهم الملائكة، ولو أراد المتوضئين لقال: (المتطهرين) فالملائكة مطهرون، والمؤمنون متطهرون.

ومنها: أن هذا نظير الآية التي في سورة عبس: {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (١٢) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (١٤) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرَامٍ بَرَرَةٍ (١٦)} [عبس: ١٢ - ١٦] قال مالك في موطئه: أحسن ما سمعت في تفسير قوله: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (٧٩)} أنها مثل هذه الآية التي في سورة عبس.

ومنها: أن الآية مكية من سورة مكية تتضمن تقرير التوحيد والنبوة


(١) من الإشارات. (الجامع).

<<  <  ج: ص:  >  >>