للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَيْنَ النَّصَارَى، فَإِذَا فَعَلَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِن الْحَقِّ: لَا يُؤَاخَذُ بِمَا عَجَزَ عَنْهُ، وَهَؤُلَاءِ كَالنَّجَاشِيِّ وَغَيْرِهِ.

وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمُتَّبعُ لِلْمُجْتَهِدِ عَاجِزًا عَن مَعْرِفَةِ الْحَقِّ عَلَى التَّفْصِيلِ، وَقَد فَعَلَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِثْلُهُ مِن الِاجْتِهَادِ فِى التَّقْلِيدِ: فَهَذَا لَا يُؤَاخَذُ إنْ أَخْطَأَ؛ كَمَا فِى الْقِبْلَةِ.

وَأَمَّا إنْ قَلَّدَ شَخْصًا دُونَ نَظِيرِهِ بِمُجَرَّدِ هَوَاهُ وَنَصَرَهُ بِيَدِهِ وَلسَانِهِ مِن غَيْرِ عِلْمٍ أَنَّ مَعَهُ الْحَقَّ: فَهَذَا مِن أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ:

- وَإِن كَانَ مَتْبُوعُهُ مُصِيبًا: لَمْ يَكن عَمَلُهُ صَالِحًا.

وَإن كَانَ مَتْبُوعُهُ مُخْطِئًا: كَانَ آثِمًا؛ كَمَن قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِرَأيِهِ:

- فَإنْ أَصَابَ: فَقَد أخْطَأَ.

- وَإِن أَخْطَأَ: فَلْيَتَبَوَّأ مَقْعَدَهُ مِن النَّارِ.

وَهَؤُلَاءِ مَن جِنْسِ مَانِعِ الزَّكَاةِ الَّذِي تَقَدَّمَ فِيهِ الْوَعِيدُ، وَمِن جِنْسِ عَبْدِ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَالْقَطِيفَةِ وَالْخَمِيصَةِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ لَمَّا أَحَبَّ الْمَالَ حُبًّا مَنَعَهُ عَن عِبَادَةِ اللهِ وَطَاعَتِهِ: صَارَ عَبْدًا لَهُ.

وَكَذَلِكَ هَؤُلَاءِ، فَيَكُونُ فِيهِ شِرْكٌ أَصْغَرُ، وَلَهُم مِن الْوَعِيدِ بِحَسَبِ ذَلِكَ. [٧/ ٦٧ - ٧٢]

* * *

(المراد بالتسوية في قوله تعالى: {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٩٧) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٩٨)}

٥١٣ - قَالَ تعالى: {فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ (٩٤) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (٩٥) قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ (٩٦) تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٩٧) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٩٨)} [الشعراء: ٩٤ - ٩٨]، لَمْ يُرِيدُوا بِهِ أَنَّهُم جَعَلُوهُم مُسَاوِينَ للهِ مِن كُلِّ وَجْهٍ؛ فَإِنَّ هَذَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِن بَنِي آدَمَ، وَلَا نُقِلَ عَن قَوْمٍ قَطُّ مِن الْكُفَّارِ أَنَّهُم قَالُوا: إنَّ هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>