للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْجَاهِلِيَّةِ، كَمَا تَجِدُهُ فِيمَن يَخْتَارُ بَعْضَ هَذِهِ الْأُمُورِ فَيَرَاهَا شِعَارًا لِمَذْهَبِهِ. [٢٤/ ١٩٨ - ١٩٩]

٢٢٠٠ - هُنَا أَصْلٌ يَنْبَغِي أَنْ نَعْرِفَة: وَهُوَ أَنَّ الشَّيءَ إذَا كَانَ أَفْضَلَ مِن حَيْثُ الْجُمْلَة لَمْ يَجِبْ أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ فِي كُلِّ حَالٍ وَلَا لِكُلِّ أَحَدٍ؛ بَل الْمَفْضُولُ فِي مَوْضِعِهِ الَّذِي شُرعَ فِيهِ أَفْضَلُ مِن الْفَاضِلِ الْمُطْلَقِ، كَمَا أَنَّ التَّسْبِيحَ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَفْضَلُ مِن قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَمِن التَّهْلِيلِ وَالتَّكبِيرِ، وَالتَّشَهُّدِ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ وَالدُّعَاءُ بَعْدَهُ أَفْضَلُ مِن قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ. [٢٤/ ٢٣٦]

وَكَذَلِكَ أَيْضًا: أَكْثَز النَّاسِ يَعْجِزُونَ عَن أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ، فَلَو أُمِرُوا بِهَا لَفَعَلُوهَا عَلَى وَجْهٍ لَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ، أَو يَنْتَفِعُونَ انْتِفَاعًا مَرْجُوحًا، فَيَكُونُ فِي حَقِّ أَحَدِ هَؤُلَاءِ الْعَمَلُ الَّذِي يُنَاسِبُهُ وينْتَفِعُ بِهِ أَفْضَلُ لَهُ مِمَّا لَيْسَ كَذَلِكَ.

* * *

[القاعدة في صفات العبادات وفوائد العمل بها]

٢٢٠١ - قَاعِدَتُنَا فِي هَذَا الْبَاب أَصَحُّ الْقَوَاعِدِ: أَنَّ جَمِيعَ صِفَاتِ الْعِبَادَاتِ مِن الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ إذَا كَانَت مَأْثُورَةً أَثَرًا يَصِحُّ التَّمَسُّكُ بِهِ لَمْ يُكرَهْ شَيءٌ مِن ذَلِكَ؛ بَل يُشْرَعُ ذَلِكَ كُلُّهُ، كَمَا قُلْنَا فِي أَنْوَاعِ صَلَاةِ الْخَوْفِ، وَفِي نَوْعَي الْأَذَانِ: التَّرْجِيعِ وَتَرْكِهِ، وَنَوْعَي الْإِقَامَةِ شَفْعِهَا وَإِفْرَادِهَا، وَكَمَا قُلْنَا فِي أَنْوَاعِ التَّشَهُّدَاتِ، وَأَنْوَاعِ الِاسْتِفْتَاحَاتِ، وَأَنْوَاعِ الِاسْتِعَاذَاتِ، وَأَنْوَاعِ الْقِرَاءَاتِ، وَأَنْوَاعِ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ الزَّوَائِدِ، وَأَنْوَاعِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَسُجُودِ السَّهْوِ، وَالْقُنُوتِ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَبَعْدَهُ، وَالتَّحْمِيدِ بِإِثْبَاتِ الْوَاوِ وَحَذْفِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ.

لَكِنْ قَد يُسْتَحَبُّ بَعْضُ هَذ الْمَأْثُورَاتِ وَيُفَضَّلُ عَلَى بَعْضٍ إذَا قَامَ دَلِيلٌ يُوجِبُ التَّفْضِيلَ وَلَا يُكْرَهُ الْآخَرُ.

وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْمُكَلَّفُ أَنْ يَجْمَعَ فِي الْعِبَادَةِ الْمُتَنَوِّعَةِ بَيْنَ النَّوْعَيْنِ فِي الْوَقْتِ الْوَاحِدِ، لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِتَشَهُّدَيْنِ مَعًا، وَلَا بِقِرَاءَتَيْنِ مَعًا، وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>