وَالْقَرَامِطَةُ الْخَارِجِينَ بِأَرْضِ الْعِرَاقِ الَّذِينَ كَانُوا سَلَفًا لِهَؤُلَاءِ الْقَرَامِطَةِ ذَهَبُوا مِن الْعِرَاقِ إلَى الْمَغْرِبِ، ثُمَّ جَاؤُوا مِن الْمَغْرِبِ إلَى مِصْرَ؛ فَإِنَّ كُفْرَ هَؤُلَاءِ وَرِدَّتَهُم مِن أَعْظَمِ الْكُفْرِ وَالرّدَّةِ، وَهُم أَعْظَمُ كُفْرًا وَرِدَّةً مِن كُفْرِ أَتْبَاعِ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ وَنَحْوِهِ مِن الْكَذَّابِينَ؛ فَإِنَّ أُولَئِكَ لَمْ يَقُولُوا فِي الْإِلَهِيَّةِ وَالرُّبُوبِيَّةِ وَالشَّرَائِعِ مَا قَالَهُ أَئِمَّةُ هَؤُلَاءِ.
وَأَمَّا هَؤُلَاءِ فَإِنَّهُم فِي الْبَاطِنِ كَافِرُونَ بِجَمِيعِ الْكُتُبِ وَالرُّسُلِ، يُخْفُونَ ذَلِكَ وَيَكْتُمُونَهُ عَن غَيْرِ مَن يَثِقُونَ بِهِ، لَا يُظْهِرُونَهُ كَمَا يُظْهِرُ أَهْلُ الْكِتَابِ دِينَهُمْ؛ لِأَنَّهُم لَو أَظْهَرُوهُ لَنَفَرَ عَنْهُم جَمَاهِيرُ أَهْلِ الْأَرْضِ مِن الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ، وَهُم يُفَرِّقُونَ بَيْنَ مَقَالَتِهِمْ وَمَقَالَةِ الْجُمْهُورِ؛ بَل الرَّافِضَةُ الَّذِينَ لَيْسُوا زَنَادِقَةً كُفَّارًا (١) يُفَرِّقُونَ بَيْنَ مَقَالَتِهَا وَمَقَالَةِ الْجُمْهُورِ، وَيَرَوْنَ كِتْمَانَ مَذْهَبِهِمْ، وَاسْتِعْمَالَ التَّقِيَّةِ، وَقَد لَا يَكُونُ مِن الرَّافِضَةِ مَن لَهُ نَسَبٌ صَحِيحٌ مُسْلِمًا فِي الْبَاطِنِ وَلَا يَكُونُ زِنْدِيقًا، لَكِنْ يَكُونُ جَاهِلًا مُبْتَدِعًا.
وَإِذَا كَانَ هَؤُلَاءِ مَعَ صِحَّةِ نَسَبِهِم وَإِسْلَامِهِمْ يَكْتمُونَ مَا هُم عَلَيْهِ مِن الْبِدْعَةِ وَالْهَوَى لَكِنَّ جُمْهُورَ النَّاسِ يُخَالِفُونَهُمْ: فَكَيْفَ بِالْقَرَامِطَةِ الْبَاطِنِيَّةِ الَّذِينَ يُكَفِّرُهُم أَهْل الْمِلَلِ كلِّهَا مِن الْمُسْلِمِينَ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى؟. [٣٥/ ١٢٧ - ١٤١]
* * *
[كفر النصيرية والدروز وضلالهم]
٥٢٥٨ - هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ الْمُسَمَّوْنَ بالْنُّصَيْرِيَّة هُم وَسَائِرُ أَصْنَافِ الْقَرَامِطَةِ الْبَاطِنِيَّةِ أَكْفَرُ مِن الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى؛ بَل وَأَكْفَرُ مِن كَثِيرٍ مِن الْمُشْرِكِينَ، وَضَرَرُهُم عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- أَعْظَمُ مِن ضَرَرِ الْكُفَّارِ الْمُحَارِبِينَ، مِثْل كُفَّارِ التَّتَارِ والفرنج وَغَيْرِهِمْ؛ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ يَتَظَاهَرُونَ عِنْدَ جُهَّالِ الْمُسْلِمِينَ بِالتَّشَيُّعِ وَمُوَالَاةِ أَهْلِ الْبَيْتِ، وَهُم فِي الْحَقِيقَةِ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِرَسُولِهِ وَلَا بِكِتَابِهِ، وَلَا بِأَمْرٍ وَلَا
(١) هذا نص منه على عدم كفر الرافضة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute