للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلِهَذَا جَمَعَ اللهُ بَيْنَهُمَا فِي مَوَاضِعَ؛ فِي مِثْل قَوْلِهِ: {لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً} [التوبة: ١٠] فَالْإِلُّ: الْقَرَابَةُ وَالرَّحِمُ، وَالذِّمَّةُ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ.

وَقَالَ تَعَالَى فِي أَوَّلِ الْبَقَرَةِ: {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ} [البقرة: ٢٧].

وَاعْلَمْ أَنَّ حَقَّ اللّهِ دَاخِلٌ فِي الْحَقَّيْنِ، وَمُقَدَّمٌ عَلَيْهِمَا؛ وَلهَذَا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ: {اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ}. [٣٢/ ١٢ - ١٣]

* * *

[حكم توكيل الذمي في قبول نكاح امرأة مسلمة]

٤٣٤٩ - وَسُئِلَ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-: عَن رَجُلٍ وَكَّلَ ذِمِّيًّا فِي قَبُولِ نِكَاحِ امْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ: هَل يَصِحُّ النِّكَاحُ؟

فَأَجَابَ: هَذِهِ الْمَسْألَةُ فِيهَا نِزَاعٌ؛ فَإِنَّ الْوَكِيلَ فِي قَبُولِ النِّكَاحِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِمَن يَصِحُّ مِنْهُ قَبُولُهُ النِّكَاحَ لِنَفْسِهِ فِي الْجُمْلَةِ، فَلَو وَكَّلَ امْرَأَةً أَو مَجْنُونًا أَو صَبِيًّا غَيْرَ مُمَيِّزٍ لَمْ يَجُزْ.

وَأَمَّا تَوَكُّلُ الذِّمِّيِّ فِي قَبُولِ النِّكَاحِ لَهُ فَهُوَ يُشْبِهُ تَزْوِيجَ الذِّمِّيِّ ابْنَتَهُ الذِّمِّيَّةَ مِن مُسْلِمٍ، وَلَو زَوَّجَهَا مِن ذِمِّيٍّ جَاز، وَلَكِنْ إذَا زَوَّجَهَا مِن مُسْلِمٍ: فَفِيهَا قَوْلَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ.

قِيلَ: يَجُوزُ.

وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ؛ بَل يُوَكِّلُ مُسْلِمًا.

وَقِيلَ: لَا يُزَوِّجُهَا إلَّا الْحَاكِمُ بِإِذْنِهِ.

وَكَوْنُهُ وَلِيًّا فِي تَزْوِيجِ الْمُسْلِمِ مِثْل كَوْنِهِ وَكِيلًا فِي تَزْوِيجِ الْمُسْلِمة.

وَمَن قَالَ: إنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ جَائِزٌ (١) قَالَ: إنَ الْمِلْكَ فِي النِّكَاحِ يَحْصُلُ لِلزَّوْجِ


(١) أي: أن يكون الذمي ولِيًّا فِي تَزْوِيجِ الْمُسْلِمِ، ووَكِيلًا عن المسلم فِي تَزْوِيجِ الْمُسْلِمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>