قُلْت: رَجُلٌ وَقَفَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فِي السَّبِيلِ؟
قَالَ: إنْ كَانَت لِلْمَسَاكِينِ فَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ.
قُلْت: فَإِنْ وَقَفَهَا فِي الْكُرَاعِ (١) وَالسِّلَاحِ؟
قَالَ: هَذِهِ مَسْأَلَةُ لَبْسٍ وَاشْتِبَاهٍ.
قَالَ أبُو الْبَرَكَاتِ: وَظَاهِرُ هَذَا جَوَازُ وَقْفِ الْأَثْمَانِ لِغَرَضِ الْقَرْضِ أَو التَّنْمِيَةِ وَالتَّصَدُّقِ بِالرِّبْحِ.
قَالَ: وَمَذْهَبُ مَالِكٍ صِحَّةُ وَقْفِ الْأَثْمَانِ لِلْقَرْضِ.
وَأحْمَد تَوَقَّفَ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ لَا فِي وَقْفِهَا؛ فَإِنَّهُ إنَّمَا سُئِلَ عَن ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَذْهَبَهُ أَنَّ الْوَقْفَ إذَا كَانَ عَلَى جِهَةِ خَاصَّةٍ؛ كَبَنِي فُلَانٍ: وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ عِنْدَهُ فِي عَيْنِهِ.
فَلَو وَقَفَ أرْبَعِينَ شَاةً عَلَى بَنِي فُلَانٍ وَجَبَت الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهَا فِي الْمَنْصُوصِ عَنْهُ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ.
وَأَمَّا مَا وَقَفَهُ عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ؛ كَالْجِهَادِ وَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ: فَلَا زَكَاةَ فِيهِ فِي مَذْهَبِهِ وَمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ.
وَأمَّا مَالِك فَيُوجِبُ فِيهِ الزَّكَاةَ.
فَتَوَقُّفُ أحْمَد فِيمَا وُقِف فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ؛ لِأَنَّ فِيهَا اشْتِبَاهًا؛ لِأَنَّ الْكُرَاعَ وَالسِّلَاحَ تَد يُعَيِّنُهُ لِقَوْم بِعَيْنِهِمْ: إمَّا لِأَوْلَادِهِ أَو غَيْرِهِمْ، بِخِلَافِ مَا هُوَ عَامٌ لَا يَعْتَقِبُهُ التَّخْصِيصُ.
فَصْلُ
وَنصُوصُ أَحْمَد فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ وَاخْتِيَارُ جُمْهُورِ أصْحَابِهِ جَوَازُ إبْدَالِ الْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَّةِ بِخَيْرٍ مِنْهَا.
(١) الكراع: اسم لجميع الخيل.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute