وَالْوَاحِدُ مِن هَؤُلَاءِ: يُرِيدُ أَنْ يُطَاعَ أَمْرُهُ بِحَسَبِ إمْكَانِهِ، لَكِنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِمَّا تَمَكَّنَ مِنْهُ فِرْعَوْنُ: مِن دَعْوَى الْإلَهِيَّةِ وَجُحُودِ الصَّانِعِ.
وَكَثِيرٌ مِن النَّاسِ مِمَن عِنْدَهُ بَعْضُ عَقْلٍ وَإِيمَانٍ لَا يَطْلُبُ هَذَا الْحَدَّ؛ بَل يَطْلُبُ لِنَفْسِهِ مَا هُوَ عِنْدَهُ.
فَإِنْ كَانَ مُطَاعًا مُسْلِمًا: طَلَبَ انْ يُطَاعَ فِي أَغْرَاضِهِ وَإِن كَانَ فِيهَا مَا هوَ ذَنْبٌ وَمَعْصِيَةٌ للهِ، وَيكُونُ مَن أطَاعَهُ فِي هَوَاهُ: أَحَبُّ إلَيْهِ وَأعَزُّ عِنْدَهُ مِمَّن أَطَاعَ اللهَ وَخَالَفَ هَوَاهُ، وَهَذِهِ شعْبَة مِن حَالِ فِرْعَوْنَ، وَسَائِرِ الْمُكَذِّبِينَ لِلرُّسُلِ.
وَإِن كَانَ عَالِمًا أَو شَيْخًا: أَحَبَّ مَن يُعَظِّمُهُ دُونَ مَن يُعَظِّمُ نَظِيرَهُ، حَتَّى لَو كَانَا يَقْرَآنِ كِتَابًا وَاحِدًا كَالْقُرْآنِ، أَو يَعْبُدَانِ عِبَادَةً وَاحِدَةً مُتَمَاثِلَانِ فِيهَا كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، فَإِنَّهُ يُحِبُّ مَن يُعَظِّمُهُ بِقَبُولِ قَوْلِهِ وَالِاقْتِدَاءِ بِهِ أَكْثَرَ مِن غَيْرِهِ، وَرُبَّمَا أَبْغَضَ نَظِيرَهُ وَأَتْبَاعَهُ حَسَدًا وَبَغْيًا، كَمَا فَعَلَتِ الْيَهُودُ لَمَّا بَعَثَ اللهُ مُحَمدًا -صلى الله عليه وسلم- يَدْعُو إلَى مِثْل مَا دَعَا إلَيْهِ مُوسَى. [١٤/ ٣٢٢ - ٣٢٥]
* * *
مَن لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ فِي الدُّنْيَا اُمْمُّحِنَ فِي الْآخِرَةِ، وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ إلَّا مَن اتبعَ الشَّيْطَانَ:
٥٣٨٧ - مَن لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ فِي الدُّنْيَا اُمْتُحِنَ فِي الْآخِرَةِ، وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ إلَّا مَن اتَّبَعَ الشَّيْطَانَ، فَمَن لَا ذَنْبَ لَهُ لَا يَدْخُلَ النَّارَ، وَلَا يُعَذبُ اللهُ بِالنَّارِ أَحَدًا إلَّا بَعْدَ أَنْ يَبْعَثَ إلَيْهِ رَسُولًا، فَمَن لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ رَسُولٍ إلَيْهِ كَالصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ وَالْمَيِّتِ فِي الْفَتْرَةِ الْمَحْضَةِ فَهَذَا يُمْتَحَنُ فِي الْآخِرَةِ كَمَا جَاءَت بِذَلِكَ الْآثَارُ. [١٤/ ٤٧٧]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute