للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَإِنْ قُدّرَ مَن تَزَوَّجَهَا نِكَاحًا مُطْلَقًا لَيْسَ فِيهِ شَرْطٌ وَلَا عِدَةٌ، وَلَكِنْ كَانَت نِيَّتُهُ أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِهَا أَيَّامًا ثُمَّ يُطَلِّقُهَا، لَيْسَ مَقْصُودُهُ أَنْ تَعُودَ إلَى الْأَوَّلِ: فَهَذَا هُوَ مَحَلُّ الْكَلَامِ، وَإِن حَصَلَ بِذَلِكَ تَحْلِيلُهَا لِلْأَوَّلِ فَهُوَ لَا يَكُونُ مُحلًّا إِلَّا إذَا قَصَدَهُ أَو شَرَطَ عَلَيْهِ شَرْطًا لَفْظِيًّا أَو عُرْفِيًّا، سَوَاءٌ كَانَ الشَّرْطُ قَبْلَ الْعَقْدِ أَو بَعْدَهُ.

وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُن فِيهِ قَصْدُ تَحْلِيلٍ وَلَا شَرْطٌ أَصْلًا: فَهَذَا نِكَاحٌ مِن الْأَنْكِحَةِ. [٣٢/ ١٤٧ - ١٤٨]

* * *

[أقوال العلماء في طلاق البائن]

٤٦٥٠ - إِنَّ الْعُلَمَاءَ تَنَازَعُوا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ فِي الطَّلَاقِ الْبَائِنِ:

أ - فَقِيلَ: إنْ شَاءَ الزَّوْجُ طَلَّقَ طَلَاقًا بَائِنًا وَإِن شَاءَ طَلَّقَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا؛ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرَّجْعَةَ حَقٌّ لَهُ. وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَرِوَايَةً عَن أَحْمَد.

ب - وَقِيلَ: لَا يَمْلِكُ الطَّلَاقَ الْبَائِنَ ابْتِدَاءَ؛ بَل إذَا طَلَبَتْ مِنْهُ الإِبَانَةَ مَلَكَ ذَلِكَ، وَهَذَا مَعْرُوفٌ عَن مَالِكٍ وَرِوَايَةٌ عَن أَحْمَد اخْتَارَهَا الخرقي.

ج - وَقِيلَ: لَا يَمْلِكُ إبَانَتَهَا بِلَا عِوَضٍ؛ بَل سَوَاءٌ طَلَبَتْ ذَلِكَ أَو لَمْ تَطْلُبْهُ، وَلَا يَمْلِكُ إبَانَتَهَا إلَّا بِعِوَض، وَهَذَا مَذْهَبُ أَكْثَرِ فُقَهَاءِ الْحَدِيثِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِهِ، وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِهِ، وَهُوَ قَوْلُ إسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَابْنِ الْمُنْذِرِ وَابْنِ خُزَيْمَة ودَاوُد وَغَيْرِهِمْ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ النُّقُولِ الثَّابِتَةِ عَن أَكْثَرِ الصَّحَابَةِ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَدُلُّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ؛ فَإِنَّ اللّهَ لَمْ يَجْعَل الطَّلَاقَ إلَّا رَجْعِيًّا، وَلَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ طَلَاقٌ بَائِنٌ مِن الثَّلَاثِ إلَّا بِعِوَضٍ، لَا بِغَيْرِ عِوَضٍ؛ بَل كُلُّ فُرْقَةٍ يَكُونُ بَائِنَةً فَلَيْسَتْ مِن الثَّلَاثِ. [٣٢/ ٣٠٤]

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>