للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَكِن السَّلَفُ وَإِن لَمْ يَكُن مِن عَادَتِهِمْ الْقِيَامُ لَهُ (١)، فَلَمْ يَكُن مِن عَادَتِهِمْ قِيَامُ بَعْضِهِمْ لِبَعْض، اللَّهُمَّ إلَّا لِمِثْل الْقَادِمِ مِن مَغِيبِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلهَذَا قَالَ أَنَسٌ: "لَمْ يَكُن شَخْصٌ أَحَبَّ إلَيْهِم مِن رَسُولِ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانُوا إذَا رَأَوْهُ لَمْ يَقُومُوا لِمَا يَعْلَمُونَ مِن كَرَاهَتِهِ لِذَلِكَ" (٢).

وَالْأَفْضَلُ لِلنَّاسِ أَنْ يَتَّبِعُوا طَرِيقَ السَّلَفِ فِي كُل شَيْءٍ، فَلَا يَقُومُونَ إلَّا حَيْثُ كَانُوا يَقُومُونَ.

فَأَمَّا إذَا اعْتَادَ النَّاسُ قِيَامَ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، فَقَد يُقَالُ: لَو تَرَكُوا الْقِيَامَ لِلْمُصْحَفِ مَعَ هَذ الْعَادَةِ لَمْ يَكُونُوا مُحْسِنِينَ فِي ذَلِكَ وَلَا مَحْمُودِينَ، بَل هُم إلَى الذَّمِّ أَقْرَبُ، حَيْثُ يَقُومُ بَعْضُهُم لِبَعْض وَلَا يَقُومُونَ لِلْمُصْحَفِ الَّذِي هُوَ أَحَقُّ بِالْقِيَامِ، حَيْثُ يَجِبُ مِن احْتِرَامِهِ وَتَعْظِيمِهِ مَا لَا يَجِبُ لِغَيْرِهِ. [٢٣/ ٦٥ - ٦٦]

* * *

(حكم ترْجَمَةِ القرآن)

١٣٩٣ - مَعْلُومٌ أَنَّ الْأُمَّةَ مَأمُورَةٌ بِتَبْلِيغِ الْقُرْآنِ لَفْظه وَمَعْناهُ كَمَا أُمِرَ بِذَلِكَ الرَّسُولُ (٣)، وَلَا يَكُونُ تَبْلِيغُ رِسَالَةِ اللّهِ إلَّا كَذَلِكَ، وَأَنَّ تَبْلِيغَهُ إلَى الْعَجَمِ قَد يَحْتَاجُ إلَى تَرْجَمَةٍ لَهُمْ، فَيُتَرْجِمُ لَهُم بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ.


= فهو بدعة؛ لأن السلف الصالح رحمهم الله لم يفعلوا ذلك -فيما أعلم-، وهم أحرص منا على تعظيم المصحف.
(١) قال النووي رحمه الله في التبيان في آداب حملة القرآن (ص ٩٨): "ويستحب أن يقوم للمصحف إذا قُدِمَ به عليه؛ لأن القيام مستحب للفضلاء من العلماء والأخيار فالمصحف أولى، وروينا في مسند الدارمي بإسنادِ صحيح عن ابن أبي مليكة أنَّ عكرمة بن أبي جهل كان يضع المصحف على وجهه ويقول: كتاب ربي كتاب ربي". اهـ.
(٢) رواه الترمذي (٢٧٥٤)، والبخاري في الأدب المفرد (٩٤٦)، وصحَّحه الألباني في مختصر الشمائل (٢٨٩).
(٣) في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة: ٦٧]، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: يقول تعالى مخاطبًا عبده ورسوله محمدًا - صلى الله عليه وسلم - باسم الرسالة، وآمرًا له بإبلاع جميع ما أرسله الله به، وقد امتثل عليه أفضل الصلاة والسلام ذلك، وقام به أتم القيام. تفسير ابن كثير (٢/ ٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>