مَشْغُولًا بِأَمْر أَمَرَهُ اللهُ بِهِ هُوَ أَفْضَلُ عِنْدَ اللهِ مِن الْكَسْبِ، فَهَذَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْكَسْبُ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ، وَإِذَا تَرَكَهُ كَانَ عَاصِيًا آثِمًا.
وَمِنْهُ مَا يَكُونُ مُسْتَحَبًّا: مِثْل هَذَا إذَا اكْتَسَبَ مَا يَتَصَدَّقُ بِهِ.
وَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ: إنَّ الْأَنْبِيَاءَ وَالْأَوْلِيَاءَ لَمْ يَطْلُبُوا رِزْقًا.
فَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ؛ بَل عَامَّةُ الْأَنْبِيَاءِ كَانُوا يَفْعَلُونَ أَسْبَابًا يَحْصُلُ بِهَا الرِّزْقُ .. وَقَد ثَبَتَ فِي "الصَّحِيحِ" قَوْلُهُ -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ أفضَلَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِن كسْبِهِ" (١).
وَكَانَ دَاوُد يَأْكُلُ مِن كَسْبِهِ، وَكَانَ يَصْنَعُ الدُّرُوعَ، وَكَانَ زَكَرِيَّا نَجَّارًا، وَكَانَ الْخَلِيلُ لَهُ مَاشِيَةٌ كَثِيرَةٌ، حَتَّى إنَّهُ كَانَ يُقَدِّمُ لِلضَّيْفِ الَّذِينَ لَا يَعْرِفُهُم عِجْلًا سَمِينًا، وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ مَعَ الْيَسَارِ.
وَخِيَارُ الْأَوْليَاءِ الْمُتَوَكِّلِينَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ .. وَكَانَ عَامَّتُهُم يَرْزُقهُم اللهُ بِأَسْبَاب يَفْعَلُونَهَا. [٨/ ٥٢٤ - ٥٣٧]
* * *
(مِعني قَوْلِ الشَّيْخِ عَبْدِ الْقَادِر: نَازَعْت أَقْدَارَ الْحَقِّ بِالْحَقِّ لِلْحَقِّ)
٦٤٤ - سُئِلَ الشَّيْخُ رحمهُ اللهُ: عَن قَوْلِ الشَّيْخِ عَبْدِ الْقَادِرِ: نَازَعْت أَقْدَارَ الْحَقِّ بِالْحَقِّ لِلْحَقِّ.
فَأَجَابَ: جَمِيعُ الْحَوَادِثِ كَائِنَةٌ بِقَضَاءِ اللهِ وَقَدَرِهِ، وَقَد أَمَرَنَا اللهُ سُبْحَانَهُ أَنْ نُزِيلَ الشَّرَّ بِالْخَيْرِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ، وَنُزِيلَ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ، وَالْبِدْعَةَ بِالسُّنَّةِ،
(١) رواه أبو داود (٣٥٢٨)، والنسائي (٤٤٤٩)، وابن ماجه (٢١٣٧)، وأحمد (٢٤٠٣٢)، وصحَّحه الألباني في صحيح أبي داود.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute