فَإذَا ذُكِرَ مُجَرَّدًا تَنَاوَلَ الْأَعْمَالَ؛ كَمَا فِي "الصَّحِيحَيْنِ": "الْإيمَانُ بِضْعٌ وَسِتونَ أَو بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً أَعْلَاهَا قَوْلُ: لَا إلهَ إلَّا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إمَاطَةُ الْأذَى عَن الطَرِيقِ".
وَإِذَا أُفْردَ الْإِيمَانُ أُدْخلَ فِيهِ الْأَعْمَال الظَّاهِرَة؛ لِأَنَّهَا لَوَازِمُ مَا فِي الْقَلْبِ؛ لِأَنَّهُ مَتَى ثَبَتَ الْإِيمَانُ فِي الْقَلْبِ وَالتَّصْدِيقُ بِمَا أَخْبَرَ بِهِ الرَّسُولُ: وَجَبَ حُصُولُ مُقْتَضَى ذَلِكَ ضَرُورَةً؛ فَإنَّهُ مَا أَسَرَّ أَحَدٌ سَرِيرَةً إلَّا أَبْدَاهَا اللهُ عَلَى صَفَحَاتِ وَجْهِهِ وَفَلَتَاتِ لِسَانِهِ، فَإذَا ثَبَتَ التَّصْدِيقُ فِي الْقَلْبِ لَمْ يَتَخَلَّف الْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهُ أَلْبَتَّةَ.
وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ لَفْظَ الْإِيمَانِ تَخْتَلِفُ دَلَالَتُهُ بِالْإِطْلَاقِ وَالِاقْتِرَانِ، فَإِذَا ذُكِرَ مَعَ الْعَمَلِ أُرِيدَ بِهِ أَصْلُ الْإِيمَانِ الْمُقْتَضِي لِلْعَمَلِ، وَإِذَا ذُكِرَ وَحْدَهُ دَخَلَ فِيهِ لَوَازِمُ ذَلِكَ الْأَصْلِ.
وَكَذَلِكَ إذَا ذُكِرَ بِدُونِ الْإِسْلَامِ كَانَ الْإِسْلَامُ جُزْءًا مِنْهُ وَكَانَ كُلُّ مُسْلِمٍ مُؤمِنًا فَإِذَا ذَكَرَ لَفْظَ الْإِسْلَامِ مَعَ الْإِيمَانِ تَمَيَّزَ أَحَدُهُمَا عَنِ الْآخَرِ كَمَا فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ وَكَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [الأحزاب: ٣٥] وَلهَذَا نَظَائِرُ كلَفْظِ الْمَعْرُوفِ وَالْمُنْكَرِ وَالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. [١٨/ ٢٧١ - ٢٧٢]
* * *
(الْخَشْيَةُ أَبَدًا مُتَضَمِّنَةٌ لِلرَّجَاءِ)
٥٠٦ - الْخَشْيَةُ أَبَدًا مُتَضَمِّنَةٌ لِلرَّجَاءِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَت قُنُوطًا؛ كَمَا أَنَّ الرَّجَاءَ يَسْتَلْزِمُ الْخَوْفَ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَ أَمْنًا.
فَأَهْلُ الْخَوْفِ للهِ وَالرَّجَاءِ لَهُ: هُم أَهْلُ الْعِلْمِ الَّذِينَ مَدَحَهُم اللهُ. [٧/ ٢١]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute