للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمُضَافَةَ إلَى اللهِ: قِسْمٌ ثَالِثٌ، لَيْسَتْ مِن الْمَخْلُوقَاتِ الْمُنْفَصِلَةِ عَنْه، وَلَيْسَتْ بِمَنْزِلَةِ الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ الْقَدِيمَةِ الْوَاجِبَةِ الَّتِي لَا تَتَعَلَّقُ بِهَا مَشِيئَتُهُ، لَا بِأَنْوَاعِهَا وَلَا بِأعْيَانِهَا.

وَقَد يَقُولُ هَؤُلَاءِ: إنَّهُ يَتَكَلَّمُ إذَا شَاءَ، وَيَسْكُتُ إذَا شَاءَ، وَلَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ يَتَكلَّمُ إذَا شَاءَ وَيَسْكُتُ إذَا شَاءَ، وَكَلَامُهُ مِنْهُ لَيْسَ مَخْلُوقًا.

وَكَذَلِكَ يَقُولُونَ: وَإِن كَانَ لَهُ مَشِيئَة قَدِيمَةٌ فَهُوَ يُرِيدُ إذَا شَاءَ، وَيَغْضَبُ وَيَمْقُت.

وَيُقِرُّ هَؤُلَاءِ أَو أَكْثَرُهُم مَا جَاءَ مِن النُّصُوصِ عَلَى ظَاهِرِهِ مِثْل قَوْلِهِ: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: ٥٤] أَنَّهُ اسْتَوَى عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُن مُسْتَوِيًا عَلَيْهِ.

وَأَمَّا نُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ: فَلَا رَيْبَ أَنَّ ظَاهِرَهَا مُوَافِق لِهَذَا الْقَوْلِ. [٦/ ١٤٤ - ١٥٢]

* * *

(المراد بالمحدث في قَوْله - تعالى -: {مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ})

٤٨٩ - قَوْله - تعالى -: {مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: ٢] الْأِطْلَاقَاتُ قَد تُوهِمُ خِلَافَ الْمَقْصُودِ، فَيُقَالُ:

- إنْ أَرَدْت بِقَوْلِك مُحْدَثٌ أَنَّهُ مَخْلُوق مُنْفَصِل عَن اللهِ كَمَا يَقُولُ الْجَهْمِيَّة وَالْمُعْتَزِلَةُ والنجارية: فَهَذَا بَاطِلٌ لَا نَقُولُهُ.

- وَإِن أَرَدْت بِقَوْلِك إنَّهُ كَلَامٌ تَكَلَّمَ اللهُ بِهِ بِمَشِيئَتِهِ، بَعْدَ أَنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ بِعَيْنِهِ، وَإِن كَانَ قَد تَكَلَّمَ بِغَيْرِهِ قَبْلَ ذَلِكَ، مَعَ أنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا إذَا شَاءَ: فَإِنَّا نَقُولُ بِذَلِكَ، وَهُوَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَهُوَ قَوْلُ السَّلَفِ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ. [٦/ ١٦١]

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>