الْقِسْمُ الثَّانِي: إضَافَةُ الْمَخْلُوقَاتِ؛ كَقَوْلِهِ: {نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا} [الشمس: ١٣]. فَهَذَا الْقِسْمُ لَا خِلَافَ بَيْنِ الْمُسْلِمِينَ فِي أنَّهُ مَخْلُوقٌ، كَمَا أَنَّ الْقِسْمَ الْأَوَّلَ لَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي أَنَّهُ قَدِيمٌ وَغَيْرُ مَخْلُوقٍ.
الثَّالِثُ: مَا فِيهِ مَعْنَى الصِّفَةِ وَالْفِعْلِ؛ مِثْل قَوْلِهِ: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: ١٦٤]، وَقَوْلِهِ: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢)} [يس: ٨٢]، وَقَوْلِهِ: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي} [الكهف: ١٠٩]، وَقَوْلِهِ: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ} [الفتح: ١٥].
وَقَوْلِهِ: {وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ} [النساء: ٩٣]، وَقَوْلِهِ: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [المائدة: ١١٩]، وَقَوْلُهُ: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: ٥٤]، {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢)} [الفجر: ٢٢].
فَالنَّاسُ فِيهِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا - وَهُوَ قَوْلُ الْمُعْتَزِلَةِ والْكُلَّابِيَة وَالْأَشْعَرِيَّةِ وَكَثِيرٍ مِن الْحَنْبَلِيَّةِ وَمَن اتَبَعَهُم مِن الْفُقَهَاءِ وَالصُّوفِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ - أنَّ هَذَا الْقِسْمَ لَا بُدَّ أَنْ يُلْحَقَ بِأحَدِ الْقِسْمَيْنِ قَبْلَهُ، فَيَكُونُ:
- إمَّا قَدِيمًا قَائِمًا بِهِ عِنْدَ مَن يُجَوِّزُ ذَلِكَ وَهُم الْكُلَّابِيَة.
- وَإِمَّا مَخْلُوقًا مُنْفَصِلًا عَنْهُ، ويمْتَنِعُ أَنْ يَقُومَ بِهِ نَعْتٌ أو حَالٌ أو فِعْل أَو شَيْءٌ لَيْسَ بِقَدِيم.
ويُسَمُّونَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ: مَسْأَلَةَ حُلُولِ الْحَوَادِثِ بِذَاتِهِ.
وَيَقُولُونَ: يَمْتَنِعُ أَنْ تَحِلَّ الْحَوَادِثُ بِذَاتِهِ .. وَرَأَوْا أَنَّ تَجْوِيزَ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ حُدُوثَهُ؛ لِأَنَّ الدَّلِيلَ الَّذِي دَلَّهُم عَلَى حُدُوثِ الْأَجْسَامِ قِيَامُ الْحَوَادِثِ بِهَا.
وَالْقَوْلُ الثانِي - وَهُوَ قَوْلُ الكَرَّامِيَة، وَكَثِيرٍ مِن الْحَنْبَلِيَّةِ، وَأكْثَرِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَمَن اتَّبَعَهُم مِن الْفُقَهَاءِ وَالصُّوفِيَّةِ وَجُمْهُورِ الْمُسْلِمِينَ، وَأكْثَرُ كَلَامِ السَّلَفِ، وَمَن حَكَى مَذْهَبَهُم حَتَّى الْأَشْعَرِيَّ - أَنَّ هَذِهِ الضفَاتِ الْفِعْلِيَّةَ وَنَحْوَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute