للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَإِنْ كَانُوا لَا يَنْتَهُونَ إلَّا بِإِلْزَامٍ فَيَنْتَهُونَ حِينَئِذٍ وَلَا يُوقِعُونَ الْمُحَرَّمَ وَلَا يَحْتَاجُونَ إلَى تَحْلِيلِ: فَهَذَا هُوَ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي فَعَلَهَا فِيهِمْ عُمَرُ.

وَالثَّالِثَةُ: أَنْ يَحْتَاجُوا إلَى التَّحْلِيلِ الْمُحَرَّمِ: فَهُنَا تَرْكُ الْإِلْزَامِ خَيْرٌ.

وَالرَّابِعَةُ: أَنَّهُم لَا يَنْتَهُونَ؛ بَل يُوقِعُونَ الْمُحَرَّمَ وَيُلْزَمُونَ بِهِ بِلَا تَحْلِيلٍ: فَهُنَا لَيْسَ فِي إلْزَامِهِمْ بِهِ فَائِدَةٌ إلَّا آصَارٌ وَأَغْلَالٌ لَمْ تُوجِبْ لَهُم تَقْوَى اللّهِ وَحِفْظَ حُدُودِهِ؛ بَل حَرُمَتْ عَلَيْهِ (١) نِسَاؤُهُم وَخَرِبَتْ دِيَارُهُم فَقَطْ.

وَالشَّارعُ لَم يُشَرِّعْ مَا يُوجِبُ حُرْمَةَ النِّسَاءِ وَتَخْرِيبَ الدِّيَارِ؛ بَل تَرْك إلْزَامَهُم بِذَلِكَ أَقَلُّ فَسَادًا، وَإِنْ كَانُوا أَذْنَبُوا فَهُم مُذْنِبُونَ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ، لَكِنَّ تَخْرِيبَ الدِّيَارِ أَكْثَرُ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ.

وَأَمَّا تَرْكُ الْإِلْزَامِ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا أَنَّهُ أَذْنَبَ ذَنْبًا بِقَوْلِهِ وَلَمْ يَتبْ مِنْهُ، وَهَذَا أَقَلُّ فَسَادًا مِن الْفَسَادِ الَّذِي قَصَدَ الشَّارعُ دَفْعَهُ وَمَنْعَهُ بِكُلِّ طَرِيقٍ. [٢٩/ ٤٢١ - ٤٢٤]

* * *

[صيغ الطلاق]

٤٦٩٢ - ثَبَتَ عَن الصَّحَابَةِ وَأكَابِرِ التَّابِعِينَ فِي الْحَلِفِ بِالْعِتْقِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ؛ بَل تُجْزِئُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ؛ فَالْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.

وَهَذَا بِخِلَافِ إيقَاعِ الطَّلَاقِ، فَإِنَّهُ إذَا وَقَعَ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَقَعَ بِاتِّفَاقِ الْأُمَّةِ، وَلَمْ تَكُنْ فِيهِ كَفَّارَة بِاتِّفَاقِ الْأُمَّةِ؛ بَل لَا كَفَّارَةَ فِي الْإِيقَاعِ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا الْكَفَّارَةُ خَاصَّةً فِي الْحَلِفِ.

فَإِذَا تَنَازَعَ الْمُسْلِمُونَ فِي مَسْأَلَةٍ وَجَبَ رَدُّ مَا تَنَازَعُوا فِيهِ إلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ، فَأَيُّ الْقَوْلَيْنِ دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَجَبَ اتِّبَاعُهُ؛ كَقَوْلِ مَن فَرَّقَ


(١) لعل الصواب: (عَلَيْهِم)؛ لأن الضمائر قبل وبعد: ضمائر جمع لا مفرد.

<<  <  ج: ص:  >  >>