وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ حَفِظَ مِن الْقُرْآنِ مَا يَكْفِيهِ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى عِلْمٍ آخَرَ.
وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ قَد حَفِظَ الْقُرْآنَ أَو بَعْضَهُ وَهُوَ لَا يَفْهَمُ مَعَانِيَهُ فَتَعَلُّمُهُ لِمَا يَفْهَمُهُ مِن مَعَاني الْقُرْآنِ أَفْضَلُ مِن تِلَاوَةِ مَا لَا يَفْهَمُ مَعَانِيَهُ. [٢٣/ ٥٥ - ٥٦]
* * *
(الصواب في تفضيل العبادات بعضِها على بعض)
١٣٨٩ - إنَّ جِنْسَ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ أَفْضَلُ مِنْ جِنْسِ الأذْكَارِ، كَمَا أَنَّ جِنْسَ الذِّكْرِ أَفْضَلُ مِنْ جِنْسِ الدُّعَاءِ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ (١) عَنِ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: "أَفْضَلُ الْكَلَامِ بَعْدَ الْقُرْآنِ أَرْبَعٌ وَهُنَّ مِنْ الْقُرْآنِ: سُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ للّهِ وَلَا إلَهَ إِلَّا اللّهُ وَاللهُ أَكْبَرُ".
وَقَد حُكِيَ إجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْقِرَاءَةَ أَفْضَل، لَكِنَّ طَائِفَةً مِن الشُّيُوخِ رَجَّحُوا الذِّكْرَ.
وَمِنْهُم مَن زَعَمَ أَنَّهُ أَرْجَحْ فِي حَقِّ الْمُنْتَهي الْمُجْتَهِدِ، كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو حَامِدٍ فِي كُتُبِهِ.
وَمِنْهُم مَن قَالَ: هُوَ أَرْجَحُ فِي حَقِّ الْمُبْتَدِئِ السَّالِكِ، وَهَذَا أَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ.
وَتَحْقِيقُ ذَلِكَ يُذْكَرُ فِي الْأَصْلِ الثَّانِي وَهُوَ: أَنَّ الْعَمَلَ الْمَفْضُولَ قَد يَقْتَرِنُ بِهِ مَا يُصَيِّرُهُ أَفْضَلَ مِن ذَلِكَ وَهُوَ نَوْعَانِ:
أَحَدُهُمَا: مَا هُوَ مَشْرُوعٌ لِجَمِيعِ النَّاسِ.
وَالثَّانِي: مَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ.
أمّا الْأوَّلُ: فَمِثْلُ أَنْ يَقْتَرِنَ إمَّا بِزَمَانٍ أو بِمَكَانٍ أَو عَمَل يَكُونُ أَفْضَلَ؛ مِثْل مَا بَعْدَ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ وَنَحْوِهِمَا مِن أَوْقَاتِ النَّهْيِ عَن الصَّلَاةِ؛ فَإِنَّ الْقِرَاءَةَ وَالذِّكْرَ وَالدُّعَاءَ أَفْضَلُ فِي هَذَا الزَّمَانِ.
(١) (٢١٣٧).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute