للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(بَابٌ صَلَاة الْجُمُعَةِ)

٢٨٢٣ - الْجُمْعَةُ فَرِيضَة بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ، وَالْجَمَاعَةُ وَاجِبَةٌ أَيْضًا عِنْدَ كَثِيرٍ مِن الْعُلَمَاءِ؛ بَل عِنْدَ أَكْثَرِ السَّلَفِ.

وَهَل هِيَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَقْوَاهُمَا كَمَا فِي "سُنَنِ أَبِي دَاوُد" عَن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: "مَن سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يُجِبْ مِن غَيْرِ عُذْرٍ فَلَا صَلَاةَ لَهُ" (١).

وَعِنْدَ طَائِفَةٍ مِن الْعُلَمَاءِ: أَنَّهَا وَاجِبَة عَلَى الْكِفَايَةِ.

وَأَحَدُ الْأَقْوَالِ أَنَّهَا سُنَّة مُؤَكَّدَةٌ. [١١/ ٦١٥]

٢٨٢٤ - [إن الله لم يخلق شَيْئًا وَلم يَأْمر بِشَيْء ثمَّ أبطله وأعدمه بِالْكُلِّيَّةِ؛ بل لَا بُد أَن يُثبتهُ بِوَجْه مَا؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا خلقه لحكمة لَهُ فِي خلقه، وَكَذَلِكَ أمرُه بِهِ وشرعُه إِيَّاه هُوَ لما فِيهِ من الْمصلحَة.

وَإِذا تَأَمَّلت الشَّرِيعَة والخلق رَأَيْت ذَلِك ظَاهرًا، وَهَذَا سر قل من تفطن لَهُ من النَّاس، فَتَأمل الْأَحْكَام المنسوخة حُكْمًا حُكْمًا كَيفَ تَجِد الْمَنْسُوخ لم يبطل بِالْكُلِّيَّةِ؛ بل لَهُ بَقَاء بِوَجْه، فَمن ذَلِك: نسخ الْقبْلَة وَبَقَاء بَيت الْمُقَدّس مُعظمًا مُحْتَرمًا تشد إِلَيْهِ الرّحال ويقصد بِالسَّفرِ إِلَيْهِ] (٢).

ومن ذلك نسخُ وجوب الصدقة بين يدي مناجاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يبطل


(١) فالشيخ رَحِمهُ اللهُ يرى أن صلاة الجماعة شرط لصحة الصلاة مع القدرة كما قيّدها في موضع آخر.
والشيخ صرح بأنّ الْجَمَاعَة شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ في موضعين، هذا الموضع، والموضع الَاخر في (٢٤/ ١٠١).
وهكذا نقل البعلي رَحِمهُ اللهُ ذلك في اختياراته (ص ١٠٣) فقال: والجماعة شرط للصلاة المكتوبة .. فإذا صلى وحده لغير عذر: لم تصح صلاتُه.
وقال الشَّيْخُ تَقِي الذينِ في الصَّارِمِ الْمَسْلُولِ: خَبَرُ التَّفْضِيلِ في الْمَعْذُورِ الذي تبُاحُ له الصَّلَاةُ وَحْدَهُ. الإنصاف، للمرداوي (٢/ ٢١٢).
(٢) ما بين المعقوفتين ليس في الأصل، ونقلتُه لتمام الفائدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>