للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[المظالم المشتركة]

٣٩٦٣ - فَصْلٌ فِي "الْمَظَالِمِ الْمُشْتَرِكَةِ" الَّتِي تُطْلَبُ مِن الشُّرَكَاءِ مِثْل الْمُشْتَرِكِينَ فِي قَرْيَةٍ، أَو مَدِينَةٍ إذَا طُلِبَ مِنْهُم شَيْء يُؤْخَذُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ أَو رُؤُوسِهِمْ؛ مِثْل الْكُلَفِ السُّلْطَانِيَّةِ الَّتِي تُوضَعُ عَلَيْهِم كُلِّهِمْ؛ إمَّا عَلَى عَدَدِ رُؤُوسِهِمْ، أَو عَدَدِ دَوَابِّهِمْ، أَو عَدَدِ أَشْجَارِهِمْ، أَو عَلَى قَدْرِ أَمْوَالِهِمْ، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْهُم أَكْثَرُ مِن الزَّكَوَاتِ الْوَاجِبَةِ بِالشَّرْعِ، أَو أَكْثَرُ مِن الْخَرَاجِ الْوَاجِبِ بِالشَّرْعِ، أَو تُؤْخَذُ مِنْهُم الْكُلَفُ الَّتِي أُحْدِثَتْ فِي غَيْرِ الْأَجْنَاسِ الشَّرْعِيَّةِ، كَمَا يُوضَعُ عَلَى الْمُتَبَايِعَيْنِ لِلطَّعَامِ وَالثِّيَابِ وَالدِّوَابِّ وَالْفَاكِهَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ: يُؤْخَذُ مِنْهُم إذَا بَاعُوا، وَيُؤْخَذُ ذَلِكَ تَارَةً مِن الْبَائِعِينَ، وَتَارَةً مِن الْمُشْتَرِينَ.

وَإِن كَانَ قَد قِيلَ: إنَّ بَعْضَ ذَلِكَ وُضِعَ بِتَأْوِيلِ وُجُوبِ الْجِهَادِ عَلَيْهِم بِأَمْوَالِهِمْ، وَاحْتِيَاجِ الْجِهَادِ إلَى تِلْكَ الْأَمْوَالِ، كَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ "غِيَاثِ الْأُمَمِ" (١)، وَغَيْرِهِ مَعَ مَا دَخَلَ فِي ذَلِكَ مِن الظُّلْمِ الَّذِي لَا مَسَاغَ لَهُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ.

وَمِثْل الْجِبَايَاتِ الَّتِي يَجْبِيهَا بَعْضُ الْمُلُوكِ مِن أَهْلِ بَلَدِهِ كُلَّ مُدَّةٍ، وَيَقُولُ: إنَّهَا مُسَاعَدَةٌ لَهُ عَلَى مَا يُرِيدُ، وَمِثْل مَا يَطْلُبُهُ الْوُلَاةُ أَحْيَانًا مِن غَيْرِ أَنْ يَكونَ رَاتِبًا. فَهَؤُلَاءِ الْمُكْرَهُونَ عَلَى أَدَاءِ هَذِهِ الْأَمْوَالِ عَلَيْهِم لُزُومُ الْعَدْلِ فِيمَا يُطْلَبُ مِنْهُمْ، وَلَيْسَ لِبَعْضِهِمْ أَنْ يَظْلِمَ بَعْضًا فِيمَا يُطْلَبُ مِنْهُمْ؛ بَل عَلَيْهِم الْتِزَامُ الْعَدْلِ فِيمَا يُؤْخَذُ مِنْهُم بغَيْرِ حَقٍّ، كَمَا عَلَيْهِم الْتِزَامُ الْعَدْلِ فِيمَا يُؤْخَذُ مِنْهُم بِحَقِّ، فَإِنَّ هَذِهِ الْكُلَفَ الَّتِي أَخِذَتْ مِنْهُم بِسَبَبِ نُفُوسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ هِيَ بِمَنْزِلَةِ غَيْرِهَا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمْ، وَإِنَّمَا يَخْتَلِفُ حَالُهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَخْذِ فَقَد يَكُونُ أَخْذًا بِحَقِّ، وَقَد يَكونُ أَخْذًا بِبَاطِلٍ (٢).


(١) لأبي المعالي الجويني.
(٢) هذا يُؤكد ما سبق، من أن الضرائب منها ما هو محرم، ومنها ما هو جائز.

<<  <  ج: ص:  >  >>