(مَبْدَأُ وَضْعِ الْمَنْطِقِ مِن الْهَنْدَسَةِ)
٦٦٢ - مَبْدَأُ وَضْعِ الْمَنْطِقِ مِن الْهَنْدَسَةِ، وَسَمَّوْهُ حُدُودًا لِحُدُودِ تِلْكَ الْأَشْكَالِ، لِيَنْتَقِلُوا مِن الشَّكْلِ الْمَحْسُوسِ إلَى الشَّكْلِ الْمَعْقُولِ، وَهَذَا لِضَعْفِ عُقُولِهِمْ، وَتَعَذُّرِ الْمَعْرِفَةِ عَلَيْهِم إلَّا بِالطَّرِيقِ الْبَعِيدَةِ.
وَاللهُ تَعَالَى يَسَّرَ لِلْمُسْلِمِينَ مِن الْعِلْمِ وَالْبَيَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ وَالْإِيمَانِ مَا بَرَزُوا بِهِ عَلَى كُلِّ نَوْعٍ مِن أَنْوَاعِ جِنْسِ الْإِنْسَانِ. [٩/ ١٣٠]
٦٦٣ - ابْنُ سِينَا تَكَلَّمَ فِي أَشْيَاءَ مِن الْإِلَهِيَّاتِ وَالنُّبُوَّاتِ وَالْمَعَادِ وَالشَّرَائِعِ لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهَا سَلَفُهُ، وَلَا وَصَلَتْ إلَيْهَا عُقُولَهُمْ، وَلَا بَلَغَتْهَا عُلُومُهُمْ؛ فَإِنَّهُ اسْتَفَادَهَا مِن الْمُسْلِمِينَ، وَإِن كَانَ إنَّمَا أخذَ عَن الْمَلَاحِدَةِ الْمُنْتَسِبِيَن إلَى الْمُسْلِمِينَ كالْإِسْمَاعِيلِيَّة.
وَكَانَ هُوَ وَأَهْل بَيْتِهِ وَأَتْبَاعُهُم مَعْرُوفِينَ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ بِالْإِلْحَادِ، وَأَحْسَنُ مَا يُظْهِرُونَ دِينَ الرَّفْضِ، وَهُم فِي الْبَاطِنِ يُبْطِنُونَ الْكُفْرَ الْمَحْضَ.
وَقَد صنَّفَ الْمُسْلِمُونَ فِي كَشْفِ أَسْرَارِهِمْ وَهَتْكِ أَسْتَارِهِمْ كُتُبًا كِبَارًا وَصِغَارًا، وَجَاهَدُوهُم بِاللِّسَانِ وَالْيَدِ؛ إذ كَانُوا بذَلِكَ أَحَقَّ مِن الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى. [٩/ ١٣٣ - ١٣٤]
٦٦٤ - اعْلَمْ أَنَّ بَيَانَ مَا فِي كَلَامِهِمْ (١) مِن الْبَاطِلِ وَالنَّقْضِ لَا يَسْتَلْزِمُ كَوْنَهُم أَشْقِيَاءَ فِي الْآخِرَةِ، إلَّا إذَا بَعَثَ اللهُ إلَيْهِم رَسُولًا فَلَمْ يَتَّبِعُوهُ.
بَل يُعْرَفُ بِهِ أَنَّ مَن جَاءَتْهُ الرُّسُلُ بِالْحَقِّ فَعَدَلَ عَن طَرِيقِهِمْ إلَى طَرِيقِ هَؤُلَاءِ كَانَ مِن الْأَشْقِيَاءِ فِي الْآخِرَةِ.
وَالْقَوْمُ لَوْلَا الْأَنْبِيَاءَ لَكَانُوا أَعْقَلَ مِن غَيْرِهِمْ.
لَكِنَّ الْأَنْبِيَاءَ جَاءُوا بِالْحَقِّ وَبَقَايَاهُ فِي الْأُمَمِ وَإِن كَفَرُوا بِبَعْضِهِ.
(١) أي: الفلاسفة القدامى كأرسطو وغيره.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute