للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْأَمْصَارِ (١)، وَالْمُدَاوَمَةِ عَلَى الِاجْتِمَاعِ لِصَلَاةِ تَطَوُّعٍ، أَو قِرَاءَةٍ أَو ذِكْرٍ كُلَّ لَيْلَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ مُضَاهَاةَ غَيْرِ الْمَسْنُونِ بِالْمَسْنُونِ بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسّنَّة وَالْآثَارُ وَالْقِيَاسُ.

ج- وَإِن لَمْ يَكُن فِي الْخُصُوصِ أَمْرٌ وَلَا نَهْيٌ: بَقِيَ عَلَى وَصْفِ الْإِطْلَاقِ؛ كَفِعْلِهَا أَحْيَانًا عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْمُدَاوَمَةِ مِثْل التَّعْرِيفِ أَحْيَانًا كَمَا فَعَلَتِ الصَّحَابَةُ، وَالِاجْتِمَاعِ أَحْيَانًا لِمَن يَقْرَأُ لَهُمْ، أَو عَلَى ذِكْرٍ أَو دُعَاءٍ، وَالْجَهْرِ بِبَعْضِ الْأَذْكَارِ فِي الصَّلَاةِ كَمَا جَهَرَ عُمَرُ بِالِاسْتِفْتَاحِ وَابْنُ عَبَّاسٍ بِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ، وَكَذَلِكَ الْجَهْرُ بِالْبَسْمَلَةِ أَحْيَانًا. [٢٠/ ١٩٦ - ١٩٨]

* * *

(النُّصُوص وَافِيَةٌ بِجُمْهُورِ أَحْكَامِ أفعَالِ الْعِبَادِ .. )

٢١٢٧ - الصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ: أَنَّ النُّصُوصَ وَافِيَةٌ بِجُمْهُورِ أَحْكَامِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ. وَذَلِكَ أَنَّ اللهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ، فَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ الْجَامِعَةِ الْعَامَّةِ الَّتِي هِيَ قَضِيَّة كُلِّيَّة وَقَاعِدَةٌ عَامَّةٌ تَتَنَاوَلُ أَنْوَاعًا كَثِيرَةً، وَتلْكَ الْأَنْوَاعُ تَتَنَاوَلُ أَعْيَانا لَا تُحْصَى، فَبِهَذَا الْوَجْهِ تَكُونُ النُّصُوصُ مُحِيطَةً بِأَحْكَامِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ.


(١) المراد بالتعريف: اجتماع غير الحاج في المساجد عشية يوم عرفة في غير عرفة، يفعلون ما يفعله الحاج يوم عرفة من الدعاء والثناء.
روي أنّ أول من جمع الناس يوم عرفة في المساجد: ابن عباس - رضي الله عنهما -، وذلك في مسجد البصرة. قال ابن كثير رحمه الله في ترجمة ابن عباس - رضي الله عنهما -: "وهو أول من عرف بالناس في البصرة، فكان يصعد المنبر ليلة عرفة ويجتمع أهل البصرة حوله، فيفسر شيئًا من القرآن، ويذكر الناس، من بعد العصر إلى الغروب، ثم ينزل فيصلي بهم المغرب". اهـ. البداية والنهاية (٨/ ٣٣٠).
وقال أبو شامة رحمه الله: فإن ابن عباس - رضي الله عنهما - حضرته نية فقعد فدعا، وكذلك الحسن من غير قصد الجمعية، ومضاهاة لأهل عرفة، وإيهام العوام أن هذا شعار من شعائر الدين المنكر، إنَّما هو ما اتَّصف بذلك -والله أعلم- أن تعريف ابن عباس قد صار على صورة أخرى غير مستنكر. اهـ. الباعث على إنكار البدع والحوادث (٣٢ - ٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>