وَإِذَا حَلَفَ بِالظِّهَارِ أَو الْحَرَامِ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا وَحَنِثَ فِي يَمِينِهِ: أَجْزَأَتْهُ الْكَفَّارَةُ فِي مَذْهَبِهِ.
لَكِنْ قِيلَ: إنَّ الْوَاجِبَ كَفَّارَةُ ظِهَارٍ، سَوَاءٌ حَلَفَ أَو أَوْقَعَ، وَهُوَ الْمَنْقُولُ عَن أَحْمَد، وَقِيلَ: بَل إنْ حَلَفَ بِهِ أَجْزَأَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وإِن أَوْقَعَهُ لَزِمَهُ كَفَّارَةُ ظِهَارٍ، وَهَذَا أَقْوَى وَأَقْيَسُ عَلَى أَصْلِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ.
فَالْحَالِفُ بِالْحَرَامِ تُجْزِئُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، كَمَا تُجْزِئُ الْحَالِفَ بِالنَّذْرِ إذَا قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ الْحَجُّ أَو فَمَالِي صَدَقَةٌ. [٣٣/ ١٦٠ - ١٦١]
٤٦٨٠ - أَمَّا قَوْلُهُ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ: فَإِنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَفْعَلَ شَيْئًا فَفَعَلَهُ: فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ.
وَإِن لَمْ يَحْلِفْ بَل حَرَّمَهَا تَحْرِيمًا: فَهَذَا عَلَيْهِ كَفَّارَة ظِهَارٍ، وَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَهَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِن أَصْحَابِ رَسُولِ اللّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ: يَقُولُونَ: إنَّ الْحَرَامَ لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ إذَا لَمْ يَنْوِهِ (١). [٣٣/ ١٦٧]
* * *
[الفتيا الدمشقية]
٤٦٨١ - وَسُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، الشُّجَاعُ الْمِقْدَامُ، لَيْثُ الْحُرُوبِ وَأَسَدُ السُّنَّةِ، الصَّابِرُ فِي ذَاتِ اللّهِ عَلَى الْمِحْنَةِ، الْعَلَمُ الْحُجَّةُ، أَحْمَد بْنُ عَبْدِ الْحَلِيمِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ابْنِ تَيْمِيَّة رحمه الله رَبُّ الْبَرِيَّةِ: عَن رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّ الْقُرْآنَ صَوْتٌ وَحَرْفٌ، وَأَنَّ الرَّحْمَنَ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى، عَلَى مَا يُفِيدُهُ الظَّاهِرُ، وَيَفْهَمُهُ النَّاسُ مِن ظَاهِرِهِ، هَل يَحْنَثُ فِي هَذَا؟
فَأَجَابَ -رَحِمَهُ اللّهُ تَعَالَى-: إنْ كَانَ مَقْصودُ هَذَا الْحَالِفِ أَنَّ أَصْوَاتَ الْعِبَادِ بِالْقُرْآنِ وَالْمِدَادِ الَّذِي يُكْتَبُ بِهِ حُرُوفَ الْقُرْآنِ قَدِيمَةٌ أَزَليَّةٌ: فَقَد حَنِثَ فِي يَمِينِهِ، وَمَا
(١) وسبق أن رجح الشيخ أن الطلاق لا يقع وَلو نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute