أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ لَهَا نَفَقَةً وَلَا أَرْسَلَ إلَيْهَا بِنَفَقَةٍ: فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ.
فَلَا بُدَّ مِن التَّفْصِيلِ فِي الْمَاضِي مُطْلَقًا فِي هَذَا الْبَابِ.
وَهَذِهِ الْمَعَانِي مَن تَدَبَّرَهَا تَبَيَّنَ لَهُ سِرُّ هَذِهِ الْمَسْألَةِ؛ فَإِنَّ قَبُولَ قَوْلِ النِّسَاءِ فِي عَدَمِ النَّفَقَةِ فِي الْمَاضِي فِيهِ مِن الضَّرَرِ وَالْفَسَادِ، مَا لَا يُحْصِيهِ إلَّا رَبُّ الْعِبَادِ.
الْوَجْهُ الْخَامِسُ. أَنَّ الْأَصْلَ الْمُسْتَقِرَّ فِي الشَّرِيعَةِ أَنَّ الْيَمِينَ مَشْرُوعَةٌ فِي جَنَبَةِ أَقْوَى الْمُتَدَاعِيَيْنِ، سَوَاءٌ تَرَجَّحَ ذَلِكَ بِالْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ، أَو الْيَدِ الْحِسِّيَّةِ، أَو الْعَادَةِ الْعَمَلِيَّةِ؛ وَلهَذَا إذَا تَرَجَّحَ جَانِبُ الْمُدَّعِي كَانَت الْيَمِينُ مَشْرُوعَةً فِي حَقِّهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ كَمَالِكِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد؛ كَالْأَيْمَانِ فِي الْقَسَامَةِ، وَكَمَا لَو أَقَامَ شَاهِدا عَدْلًا فِي الْأَمْوَالِ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ لَهُ بِشَاهِدٍ وَيمِينٍ، وَالنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- جعَلَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُن مَعَ الْمُدَّعِي حُجَّةٌ تُرَجِّحُ جَانِبَه.
وَأَمَّا تَقْدِيرُ الْحَاكِمِ النَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ فَهَذَا يَكُونُ عِنْدَ التّنازُعِ فِيهَا كَمَا يُقَدِّرُ مَهْرَ الْمِثْل إذَا تَنَازَعَا فِيهِ. [٣٤/ ٧٧ - ٨٣]
* * *
[نفقة الزوجة مرجعها إلى العرف، وحكم خدمة الزوجة لزوجها]
٤٥٥٤ - الصَّوَابُ الْمَقْطُوعُ بِهِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ: أَنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ مَرْجِعُهَا إلَى الْعُرْفِ، وَلَيْسَتْ مُقَدَّرَةً بِالشَّرْعِ؛ بَل تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْبِلَادِ وَالْأَزْمِنَةِ وَحَالِ الزَّوْجَيْنِ وَعَادَتِهِمَا؛ فَإِنَّ اللّهَ تَعَالَى قَالَ: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: ١٩].
٤٥٥٥ - قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٣٢]: يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ لَو رَضِيَتْ بِغَيْرِ الْمَعْرُوفِ لَكَانَ لِلْأَوْليَاءِ الْعَضْلُ، وَالْمَعْرُوفُ تَزْوِيجُ الْكُفْءِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute