للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(أَصْلُ دِينِ الْيَهُودِ الْكِبْر وأَصْلُ دِينِ النَّصَارَى الْإِشْرَاك، وهل كان فرعون موسى ويوسف منكرين لله تعالى؟)

٥٧٩ - لَمَّا كَانَ أَصْلُ دِينِ الْيَهُودِ الْكِبْرَ عَاقَبَهُم بِالذِّلَّةِ {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا} [آل عمران: ١١٢]، وَلَمَّا كَانَ أَصْلُ دِينِ النَّصَارَى الْإِشْرَاكَ لِتَعْدِيدِ الطُّرُقِ إلَى اللهِ أَضَلَّهُم عَنْهُ.

فَعُوقِبَ كُلٌّ مِن الْأُمَّتَيْنِ عَلَى مَا اجْتَرَمَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ، {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصّلت: ٤٦].

وَقَد وَصَفَ بَعْضَ الْيَهُودِ (١) بِالشِّرْكِ فِي قَوْلِهِ: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} [التوبة: ٣٠] .. فَفِي الْيَهُودِ مَن عَبَدَ الْأَصْنَامَ وَعَبَدَ الْبَشَرَ؛ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُسْتَكْبِرَ عَن الْحَقِّ يُبْتَلَى بِالِانْقِيَادِ لِلْبَاطِلِ (٢)، فَيَكُونُ الْمُسْتَكْبِرُ مُشْرِكًا، كَمَا ذَكَرَ اللهُ عَن فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ أَنَّهُم كَانُوا مَعَ اسْتِكْبَارِهمْ وَجُحُودِهِمْ مُشْرِكِينَ، فَقَالَ عَن مُؤْمِنِ آلَ فِوْعَوْنَ: {وَيَاقَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (٤١) تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ (٤٢)} [غافر: ٤١، ٤٢].

فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَكُونُ قَوْمُ فِرْعَوْنَ مُشْرِكِينَ؛ وَقَد أَخْبَرَ اللهُ عَن فِرْعَوْنَ أَنَّهُ جَحَدَ الْخَالِقَ فَقَالَ: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} [القصص: ٣٨]، وَقَالَ: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} [النازعات: ٢٤].

وَالْإِشْرَاكُ لَا يَكُونُ إلَّا مِن مُقِرٍّ بِاللهِ، وَإِلَّا فَالْجَاحِدُ لَهُ لَمْ يُشْرِكْ بِهِ.

قِيلَ: لَمْ يَذْكُر اللهُ جُحُودَ الصَّانِعِ إلَّا عَن فِرْعَوْنَ مُوسَى، وَأَمَّا الَّذِينَ كَانُوا فِي زَمَنِ يُوسُفَ فَالْقُرْآنُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُم كَانُوا مُقِرِّينَ بِاللهِ، وَهُم مُشْرِكُونَ بِهِ؛


(١) وليس كلّهم.
(٢) وهذا أمرٌ لا بُدّ منه، فتمسك بالحق واقْبَلْه واعمل به لئلا تُبتلى بالباطل الذي يصرفك عن الحق الذي فيه نجاتك ورفعتك في الدنيا والآخرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>