للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الصَّحِيحُ، قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- في حَدِيثِ طَرْحِ الشَّكِّ قَالَ: "وَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ" (١).

وَفِي حَدِيثِ التَّحَرِّي قَالَ: "فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ ثُمَّ يُسَلِّمَ ثُمَّ يَسْجُدَ سَجْدَتَيْنِ" (٢).

فَهَذَا أَمَرَ فِيهِ بِالسَّلَامِ ثُمَّ بِالسُّجُودِ، وَذَاكَ أَمَرَ فِيهِ بِالسُّجُودِ قَبْلَ السَّلَامِ، وَكِلَاهُمَا أَمْرٌ مِنْهُ يَقْتَضِي الْإِيجَابَ.

وَلَكِنْ مَن سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ مُطْلَقًا أَو بَعْدَ السَّلَامِ مُطْلَقًا فتَأَوِّلًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِن تبَيَّنَ لَهُ فِيمَا بَعْدُ السُّنَّةَ اسْتَأْنَفَ الْعَمَلَ فِيمَا تبَيَّنَ لَهُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ.

وَكَذَلِكَ كُلُّ مَن تَرَكَ وَاجِبًا لَمْ يَعْلَمْ وُجُوبَهُ، فَإِذَا عَلِمَ وُجُوبَهُ فَعَلَهُ وَلَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ فِيمَا مَضَى فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ.

وَكَذَلِكَ مَن فَعَلَ مَحْظُورًا فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مَحْظُورٌ ثُمَّ عَلِمَ.

فَصْلٌ

إذَا نَسِيَ السُّجُودَ حَتَّى فَعَلَ مَا يُنَافِي الصَّلَاةَ مِن كَلَامِ وَغَيْرِهِ: فَقَد ثَبَتَ فِي "الصَّحِيحَينِ" عَن ابْنِ مَسْعُودٍ عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ وَالْكَلَامِ.

وَقَد اُخْتُلِفَ فِي السُّجُودِ وَالْبِنَاءِ بَعْدَ طُولِ الْفَصْلِ .. وَعَن أَحْمَد رِوَايَةٌ أَنَّهُ يَسْجُدُ وَإِن خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ وَتَبَاعَدَ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَافِعِيِّ، وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ؛ فَإِنَّ تَحْدِيدَ ذَلِكَ بِالْمَكَانِ أَو بِزَمَانٍ لَا أَصْلَ لَهُ فِي الشَّرْع، لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الزَّمَانُ غَيْرَ مَضْبُوطٍ، فَطُولُ الْفَصْلِ وَقِصَرُهُ لَيْسَ لَهُ حَدٌّ مَعْرُوفٌ فِي عَادَاتِ النَّاسِ لِيَرْجِعَ إلَيْهِ وَلَمْ يَدُلَّ عَلَى ذَلِكَ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ وَلَمْ يُفَرِّق الدَّلِيلُ الشَّرْعِيُّ فِي السُّجُودِ وَالْبِنَاءِ بَيْنَ طُولِ الْفَصْلِ وَقِصَرِهِ، وَلَا بَيْنَ الْخُرُوجِ مِن الْمَسْجِدِ وَالْمُكْثِ فِيهِ.


(١) رواه مسلم (٥٧١) من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-.
(٢) رواه البخاري (٤٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>