للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَلَى فَسَادِ مَا يَكُونُ مِن ظُلْمِهِمْ؛ بَل يُطَاعُ اللهُ فِيهِمْ وَفِي غَيْرِهِمْ، وَيُفْعَلُ مَا أَمَرَ بِهِ ويُتْرَكُ مَا نَهَى عَنْهُ. [٣٥/ ٢١] * * *

(شرح حديث: "عَلَيْكُمْ بسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِن بَعْدِي تَمَسَّكوا بِها وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ")

٥١٩٧ - قَوْله -صلى الله عليه وسلم-: "عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِن بَعْدِي تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ" (١): فَهَذَا أَمْرٌ وَتَحْضِيضٌ عَلَى لُزُومِ سُنَّةِ الْخُلَفَاءِ، وَأَمْرٌ بِالِاسْتِمْسَاكِ بِهَا، وَتَحْذِيرٌ مِن الْمُحْدَثَاتِ الْمُخَالِفَةِ لَهَا، وَهَذَا الْأَمْرُ مِنْهُ وَالنَّهْيُ: دَليلٌ بَيِّنٌ فِي الْوُجُوبِ.

ثُمَّ اخْتَصَّ مِن ذَلِكَ قَوْلُهُ: "اقْتَدُوا بالذين مِن بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ" فَهَذَانِ أُمِرَ بِالِاقْتِدَاءِ بِهِمَا، وَالْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ أُمِرَ بِلُزومِ سُنَّتِهِمْ.

وَفِي هَذَا تَخْصِيصٌ لِلشَّيْخَيْنِ مِن وَجْهيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ السُّنَّةَ مَا سَنُّوهُ لِلنَّاسِ، وَأَمَّا الْقُدْوَةُ فَيَدْخُلُ فِيهَا الِاقْتِدَاءُ بِهِمَا فِيمَا فَعَلَاهُ مِمَّا لَمْ يَجْعَلُوهُ سُنَّةً.

الثَّانِي: أَنَّ السُّنَّةَ أَضَافَهَا إلَى الْخُلَفَاءِ، لَا إلَى كُلّ مِنْهُمْ.

فَقَد يُقَالُ: إمَّا ذَلِكَ فِيمَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ دُونَ مَا انْفَرَدَ بِهِ بَعْضُهُم وَأَمَّا الْقُدْوَةُ فَعَيَّن الْقُدْوَة بِهَذَا وَبِهَذَا، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ نَظَرٌ.

وَيُسْتَفَادُ مِن هَذَا: أَنَّ مَا فَعَلَهُ عُثْمَانُ وَعَلِيٌّ مِن الِاجْتِهَادِ الَّذِي سَبَقَهُمَا بِمَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَدَلَّت النُّصُوصُ وَمُوَافَقَةُ جُمْهُورِ الْأُمَّةِ عَلَى رُجْحَانِهِ، وَكَانَ سَبَبَهُ افْتِرَاقُ الْأمَّةِ: لَا يُؤْمَرُ بِالِاقْتِدَاءِ بِهِمَا فِيهِ، إذ لَيْسَ ذَلِكَ


(١) رواه أبو داود (٤٦٠٧)، والترمذي (٢٦٧٦)، وابن ماجه (٤٢)، والدارمي (٩٦)، وأحمد (١٧١٤٢)، وصحَّحه الألباني في صلاة التراويح (٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>