للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَد رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ" (١) عَن ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "أَوَّلُ جَيْشٍ يَغْزُو الْقُسْطَنْطِينِية مَغْفُورٌ لَهُ"، وَأَوَّلُ جَيْشٍ غَزَاهَا كَانَ أَمِيرُهُم يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ، وَكَانَ مَعَهُ أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ" -رضي الله عنه-.

فَالْوَاجِبُ الِاقْتِصَارُ فِي ذَلِكَ، وَالْإِعْرَاضُ عَن ذِكْرِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيةَ وَامْتِحَانِ الْمُسْلِمِينَ بِهِ؛ فَإِنَّ هَذَا مِن الْبِدَعِ الْمُخَالِفَةِ لِأَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ (٢). [٣/ ٤٠٥ - ٤١٤]

* * *

(حكم الانتماء والانتساب إلى طائفة أو شيخ؟، والْمُوَالَاة وَالْمُعَادَاة بِغَيْرِ الْأَسْمَاءِ الَّتِي عَلَّقَ اللهُ بِهَا ذَلِكَ) (٣)

٣٣٨ - لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ وَلَا سُنَّةِ رَسُولِهِ -صلى الله عليه وسلم- وَلَا فِي الْآثَارِ الْمَعْرُوفَةِ عَن


(١) (٢٩٢٤)، ولفظه: "أوَّلُ جَيْشٍ مِن أُمَّتِى يَغْزُونَ مَدِينَةَ قَيْصَرَ مَغْفُورٌ لَهُمْ".
(٢) كذلك لا يجوز امتحان الناس بغيره، كمن يمتحن أحدًا بمحبة أو بغض فلان من العلماء أو المصلحين أو الدعاة، فهذا كما قال الشيخ: مِن الْبِدَعِ الْمُخَالِفَةِ لِأَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ.
وقد حذر الشيخ من هذا المنهج والسلوك السقيم في مواضع كثيرة، منها قوله رَحِمَه الله في نصيحته لأهل البحرين الذين حصل بينهم خلاف فى مسألة رؤية الكفار دثه تعالى في عرصات يوم القيامة: لَا يَنْبَغِي لِأهْلِ الْعِلْم أنْ يَجْعَلُوا هَذهِ الْمَسْألَةَ مِحْنَةً وَشِعَارًا، يُفَضِّلُونَ بِهَا بَيْنَ إخْوَانِهِمْ وَأضْدَادِهِمْ؛ فَإِنَّ مِثْل هَذَا مِمَّا يَكْرَهُهُ اللهُ وَرَسُولُهُ، وَكَذَلِكَ لَا يُفَاتِحُوا فِيهَا عَوَامَّ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ هُم فِي عَافِيَةٍ وَسَلَام عَن الْفِتَنِ. اهـ. (٦/ ٥٠٤).
ومن ذلك قوله في مسألة التسمي بأسماء لم يُسمّ الله بها: فَلَا يَجُوزُ لِأحَدٍ أَنْ يَمْتَحِنَ النَّاسَ بِهَا، وَلَا يُوَالِىَ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ وَلَا يُعَادِيَ عَلَيْهَا. اهـ. (٣/ ٤١٦).
(٣) منهج أهل السُّنَّة والجماعة في هذا الباب:
أولًا: عدم الانتساب لأيّ فرقة وجماعة والتعصب لها، ولكنهم يقبلون الحق من أيّ أحد كان، ولا يردونه إذا جاء من مبتاع أو من انتسب إلى أي جماعة وحزب، قال شيخ الإسلام رَحِمَه الله: وَنَحْنُ إِنَّمَا نَرُدُّ مِنْ أَقْوَالِ هَذَا -أي: الحليّ الرافضي- وَغَيْرِهِ مَا كَانَ بَاطِلًا، وَأمَّا الْحَقُّ فَعَلَيْنَا أنْ نَقْبَلَهُ مِنْ كُلِّ قَائِلٍ، وَلَيْسَ لِأحَدٍ أَنْ يَرُدُّ بِدْعَةً بِبِدْعَةٍ، وَلَا يُقَابِلَ بَاطِلًا بِبَاطِلٍ. اهـ. منهاج السُّنَّة النبوية (٣/ ٧٧).
ثانيًا: عدم ظلم مَن رُدّ عليه بحق؛ برميه بما ليس فيه، وبتقويله ما لم يقله، والزيادة على ما يستحقّه.=

<<  <  ج: ص:  >  >>