(ذمّ من ترك مذهب السلف، واتبع مذهب الخلف)
٣٧٥ - إنَّ كَثِيرًا مِن أَصْحَابِ أَبِي مُحَمَّدٍ مِن أَتْبَاعِ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ يُصَرِّحُونَ بِمُخَالَفَةِ السَّلَفِ -فِي مِثْل مَسْألَةِ الْإِيمَانِ، وَمَسْألَةِ تَأْوِيلِ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ- يَقُولُونَ: "مَذْهَبُ السَّلَفِ: أَنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ يَزِيدُ وَينْقُصُ، وَأَمَّا الْمُتَكَلِّمُونَ مِن أَصْحَابِنَا: فَمَذْهَبُهُم كَيْتُ وَكيْتُ"!
وَكَذَلِكَ يَقُولُونَ: "مَذْهَبُ السَّلَفِ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي الصِّفَاتِ لَا تُتأَوَّلُ، والمتكلمون يُرِيدُونَ تَأْوِيلَهَا إمَّا وُجُوبًا وَإِمَّا جَوَازًا". وَيَذْكُرُونَ الْخِلَافَ بَيْنَ السَّلَفِ وَبَيْنَ أَصْحَابِهِم الْمُتَكَلِّمِينَ.
هَذَا مَنْطُوقُ أَلْسِنَتِهِمْ، وَمَسْطُورُ كُتُبِهِمْ.
أَفَلَا عَاقِلٌ يَعْتَبِرُ؟ وَمَغْرُورٌ يَزْدَجِرُ؟: أنَّ السَّلَفَ ثَبَتَ عَنْهُم ذَلِكَ حَتَّى بِتَصْرِيحِ الْمُخَالِفِ، ثُمَّ يُحْدِثُ مَقَالَةً تَخْرُجُ عَنْهُمْ!
أَلَيْسَ هَذَا صَرِيحًا أنَّ السَّلَفَ كَانُوا ضَالِّينَ عَن التَّوْحِيدِ وَالتَّنْزِيهِ، وَعَلِمَهُ الْمُتَأخِّرُونَ؟
وَهَذَا فَاسِدٌ بِضَرُورَةِ الْعِلْمِ الصَّحِيحِ وَالدِّينِ الْمَتِينِ.
وَأَيْضًا: فَقَد يَنْصُرُ الْمُتَكَلِّمُونَ أَقْوَالَ السَّلَفِ تَارَةً، وَأَقْوَالَ الْمُتَكَلِّمِينَ تَارَةً؛ كَمَا يَفْعَلُهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِثْلُ أَبِي الْمَعَالِي الجُوَيْنِي، وَأَبِي حَامِدٍ الْغَزَالِيِّ، وَالرَّازِي وَغَيْرِهِمْ.
وَتَارَةً يَجْعَلُونَ إخْوَانَهُم الْمُتَأَخِّرِينَ أَحْذَقَ وَأَعْلَمَ مِن السَّلَفِ وَيَقُولُونَ: "طَرِيقَةُ السَّلَفِ أَسْلَمُ، وَطَرِيقَة هَؤُلَاءِ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ"!
فَيَصِفُونَ إخْوَانَهُم بِالْفَضِيلَةِ فِي الْعِلْمِ وَالْبَيَانِ وَالتَحْقِيقِ وَالْعِرْفَانِ، وَالسَّلَفَ بِالنَّقْصِ فِي ذَلِكَ، وَالتَّقْصِيرِ فِيهِ، أَو الْخَطَأِ وَالْجَهْلِ.
وَغَايَتُهُم عِنْدَهُمْ: أَنْ يُقِيمُوا أَعْذَارَهُم فِي التَّقْصِيرِ وَالتَّفْرِيطِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute