للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[المساجد وصونها]

٢٤٢١ - إذَا اتَّخَذَ الْمَسْجِدَ بِمَنْزِلَةِ الْبُيُوتِ فِيهِ أَكْلُهُ وَشُرْبُهُ وَنَوْمُهُ وَسَائِرُ أَحْوَالِهِ الَّتِي تَشْتَمِلُ عَلَى مَا لَمْ تُبْنَ الْمَسَاجِدُ لَهُ دَائِمًا: فَإِنَّ هَذَا يُمْنَعُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، فَاِنَّمَا وَقَعَتِ الرّخْصَة فِي بَعْضِ ذَلِكَ لِذَوِي الْحَاجَةِ؛ مِثْل مَا كَانَ أَهْلُ الصُّفَّةِ: كَانَ الرَّجُلُ يَأتِي مُهَاجِرًا إلَى الْمَدِينَةِ وَلَيْسَ لَهُ مَكانٌ يَأْوِي إلَيْهِ فَيُقِيمُ بِالصُّفَّةِ إلَى أَنْ يَتيسَّرَ لَهُ أَهْلٌ أَو مَكَانٌ يَأْوِي إلَيْهِ ثُمَّ يَنْتَقِلُ.

وَمِثْل الْمِسْكينَةِ الَّتي كَانَت تَأْوِي إلَى الْمَسْجِدِ وَكَانَت تَقُمُّهُ.

وَمِثْل مَا كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَبِيتُ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ عَزَبٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُن لَهُ بَيْتٌ يَأْوِي إلَيْهِ حَتَّى تَزَوَّج.

وَمِن هَذَا الْبَابِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: لَمَّا تَقَاوَلَ هُوَ وَفَاطِمَةُ ذَهَبَ إلَى الْمَسْجِدِ فَنَامَ فِيهِ.

فَيَجِبُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْأَمْرِ الْيَسِيرِ وَذَوِي الْحَاجَاتِ وَبَيْنَ مَا يَصِيرُ عَادَةً ويكْثُرُ وَمَا يَكُونُ لِغَيْرِ ذَوِي الْحَاجَاتِ؛ وَلهَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا تَتَّخِذُوا الْمَسْجِدَ مَبِيتًا وَمَقِيلًا، هَذَا وَلَمْ يَفْعَلْ فِيهِ إلَّا النَّوْمُ؟.

وَأبْلَغُ مَا يَكونُ مِن الْمُقَامِ فِي الْمَسْجِدِ مُقَامُ الْمُعْتَكِفِ، كَمَا كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعْتَكِفُ فِي الْمَسْجِدِ، وَكَانَ يَحْتَجِرُ لَهُ حَصِيرًا فَيَعْتَكفُ فِيهِ، وَكَانَ يَعْتَكِفُ فِي قُبَّةٍ، وَكَذَلِكَ كَانَ النَّاسُ يَعْتَكفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ويضْرِبُونَ لَهُم فِيهِ الْقِبَابَ، فَهَذَا مُدَّةُ الِاعْتِكافِ خَاصَّةً، وَالِاعْتِكَافُ عِبَادَةٌ شَرْعِيَّةٌ وَلَيْسَ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَخْرُجُ مِن الْمَسْجِدِ إلَّا لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ. [٢٢/ ١٩٦ - ١٩٧]

<<  <  ج: ص:  >  >>