للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأَخْتَارُ أَنْ لَا أخْتَارَ فِعْلَ ضَلَالَةٍ … وَلَو نِلْتُ هَذَا التَّرْكَ فُزْتُ بِتَوْبَةِ

وَذَا مُعْكِنٌ لَكِنَّهُ مُتَوَقِّفٌ … عَلَى مَا يَشَاءُ اللهُ مِن ذِي الْمَشِيئَةِ

فَدُونَك فَافْهَمْ مَا بِهِ قَد أَجَبْتُ مِن … مَعَانٍ إذَا انْحَلَّتْ بِفَهْمِ غَرِيزَةِ

أَشَارَتْ إلَى أَصْلٍ يُشِيرُ إلَى الْهُدَى … وَللهِ رَبُّ الْخَلْقِ أَكْمَلُ مِدْحَةِ

وَصَلَّى إلَهُ الْخَلْقِ جَلَّ جَلَالُهُ … عَلَى الْمُصْطَفَى الْمُخْتَارِ خَيْرِ الْبَرِيَّةِ [٨/ ٢٤٥ - ٢٥٥]

* * *

[الرد علي من احتج بالقدر على ارتكاب المعاصي]

٦١٦ - سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-: عَن أَقْوَامٍ يَحْتَجُّونَ بِسَابِقِ الْقَدَرِ، وَيَقُولُونَ: إنَّهُ قَد مَضَى الْأَمْرُ، وَالشَّقِيُّ شَقِيٌّ، وَالسَّعِيدُ سَعِيدٌ .. قَائِلِينَ بِأَنَّ اللهَ قَدَّرَ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ، وَالزنى مَكْتُوبٌ عَلَيْنَا، وَمَا لنَا فِي الْأَفْعَالِ قُدْرَةٌ؟.

فَأَجَابَ -رَحِمَهُ الله تَعَالَى-: هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ إذَا أَصَرُّوا عَلَى هَذَا الِاعْتِقَادِ كَانُوا أَكْفَرَ مِن الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى؛ فَإِنَّ الْيَهُودَ وَالنَصَارَى يُؤْمِنُونَ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ، وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، لَكِنْ حَرَّفُوا وَبَدَّلُوا وَآمَنُوا بِبَعْضِ وَكَفَرُوا بِبَعْضٍ.


= يترك ما باشره من الكفر والإجرام.
- فلو فرض وقدر على وجه الإمكان أنه صادق في قوله: "إني أختار أن لا أختار فعل الضلالة"، وكان ذلك من صميم قلبه صادقًا في ذلك لو كان الأمر كذلك، لكان هذا توبة.
لأن العبد متى كانت له إرادة مصممة على فعل ما يحبه الله، وعلى ثرك ما يكرهه الله: أقبل بهذه الإرادة إلى الخيرات، وانصراف عن السوء والسيئات، وكان توبة له من جميع الموبقات.
ولكن من وفق لهذه الحال، كان أبعد الناس عن الاحتجاج بالقدر. والوصول إلى هذه الدرجة العالية، ممكن في حق كل أحد، ولكنه يتوقف على مشيئة الله وإرادته.
ومن لجأ إلى الله وأناب إليه، هداه الله، وشاء منه أن يفعل ما يحبه ويرضاه.
وأشار الشيخ إلى هذا الفرق اللطيف، بقوله:
"على ما يشاء الله من ذي المشيئة". [يُنظر: الدرة البهية شرح القصيدة التائية في حل المشكلة القدرية، للشيخ عبد الرحمن بن ناصر آل سعدي (المتوفى ١٣٧٦ هـ): (٧٦ - ٧٧)].

<<  <  ج: ص:  >  >>