الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (١٩)} [الأحزاب: ١٨، ١٩] فَهُنَالِكَ جَعَلَ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ الْخَائِفِينَ مِن الْعَدُوِّ النَّاكِلِينَ عَن الْجِهَادِ النَّاهِينَ لِغَيْرِهِمْ الذَّامِّينَ لِلْمُؤْمِنِينَ: مِنْهُمْ.
وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: {وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (٥٦)} [التوبة: ٥٦].
فَإِذَا قَالَ اللهُ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} [المائدة: ٦] وَنَحْو ذَلِكَ: فَهُوَ أَمْرٌ فِي الظَّاهِرِ لِكُلِّ مَن أَظْهَرَهُ، وَهُوَ خِطَابٌ فِي الْبَاطِنِ لِكُلِّ مَن عَرَفَ مِن نَفْسِهِ أَنَّهُ مُصَدِّقٌ لِلرَّسُولِ، وَإِن كَانَ عَاصِيًا، وَإِن كَانَ لَمْ يَقُمْ بِالْوَاجِبَاتِ الْبَاطِنَةِ وَالظَّاهِرَةِ.
[٧/ ٤١٨ - ٤٢٣]
* * *
(حكم الِاسْتِثْنَاء فِي الْإِيمَانِ)
٥٥٧ - أَمَّا الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْإِيمَانِ بِقَوْلِ الرَّجُلِ: أَنَا مُؤْمِنٌ إنْ شَاءَ اللهُ: فَالنَّاسُ فِيهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:
أ- مِنْهُم مَن يُوجِبُهُ.
ب- وَمِنْهُم مَن يُحَرِّمُهُ.
ج- وَمِنْهُم مَن يُجَوِّزُ الْأَمْرَيْنِ بِاعْتِبَارَيْنِ، وَهَذَا أَصَحُّ الْأَقْوَالِ.
فَاَلَّذِينَ يُحَرِّمُونَهُ: هُم الْمُرْجِئَةُ وَالْجَهْمِيَّة وَنَحْوُهُم مِمَن يَجْعَلُ الْإِيمَانَ شَيْئًا وَاحِدًا يَعْلَمُهُ الْإِنْسَانُ مِن نَفْسِهِ؛ كَالتَّصْدِيقِ بِالرَّبِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا فِي قَلْبِهِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُم: أَنَا أَعْلَمُ أَنِّي مُؤْمِنٌ، كَمَا أَعْلَمُ أَنِّي تَكَلَّمْت بِالشَّهَادَتَيْنِ، وَكَمَا أَعْلَمُ أَنِّي قَرَأْت الْفَاتِحَةَ .. فَقَوْلِي: أَنَا مُؤْمِنٌ كَقَوْلِي: أَنَا مُسْلِمٌ، وَكَقَوْلِي: تَكَلَّمْت بِالشَّهَادَتَيْنِ، وَقَرَأَت الْفَاتِحَةَ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِن الْأُمُورِ الْحَاضِرَةِ الَّتِي أَنَا أَعْلَمُهَا وَأَقْطَعُ بِهَا، وَكَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: أَنَا قَرَأت الْفَاتِحَةَ إنْ شَاءَ اللهُ، كَذَلِكَ لَا يَقُولُ: أَنَا مُؤْمِنٌ إنْ شَاءَ اللهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute