قلت: وهو ما ذكره في المجموع، والله أعلم، ولعل للشيخ قولين في المسألة.
* * *
(١٥) من باع ربويًّا بنسيئة هل يحرم أخذه عن ثمن ما لا يباع به نسيئة؟
جاء في "مجموع الفتاوى" (٢٩/ ٣٠٠ - ٣٠١): سُئِلَ -رحمة الله-: عَن رَجُلٍ بَاعَ قَمْحًا بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ لَمْ يَكُن عِنْدَ الْمَدِينِ إلَّا قَمْحًا، فَهَل لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ قَمْحًا؟
فَأَجَابَ: نَعَمْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ قَمْحًا، وَلَيْسَ ذَلِكَ رِبًا عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ: كَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَطَائِفَةٍ مِن أَصْحَابِ أَحْمَد.
وَإِذَا كَانَ أَخْذُ الْقَمْحِ أَرْفَقَ بِالْمَدِينِ مِن أَنْ يُكَلّفَهُ بَيْعَهُ وَإِعْطَاءَ الدَّرَاهِمِ فَالْأَفْضَل لِلْغَرِيمِ أَخْذُ الْقَمْحِ.
وجاء في "مجموع الفتاوى" كذلك (٢٩/ ٤٤٩): مَن بَاعَ مَالًا رِبَوِيًّا كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَغَيْرِهِمَا إلَى أَجَلٍ: لَمْ يَجُزْ أَنْ يَعْتَاضَ عَن ثَمَنِهِ بِحِنْطَةٍ أَو شَعِيرٍ أَو غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُبَاعُ بِهِ نَسِيئَةً، لِأَنَّ الثَّمَنَ لَمْ يُقْبَضْ، فَكَانَّهُ قَد بَاعَ حِنْطَة أَو شَعِيرًا بِحِنْطَةٍ أَو شَعِيرٍ إلَى أَجَلٍ مُتَفَاضِلًا، وَهَذَا لَا يَجُوزُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ (١).
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ: هَذَا يَجُوزُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي محَمَّدٍ المقدسي مِن أَصْحَابِ أَحْمَد؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الثَّمَنَ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي وَبِهِ اشْتَرَى، فَأَشْبَهَ مَا لَو قَبَضَهُ ثُمَّ اشْتَرَى مِن غَيْرِهِ.
وَأَمَّا إنْ بَاعَ مَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي مِن حِنْطَةٍ أَو شَعِيرٍ وَاسْتَوْفَى حَقَّهُ مِن الثَّمَنِ: فَذَلِكَ جَائِزٌ بِلَا ريبٍ.
(١) نسب الشيخ هذا القول للْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ وَمَالِكٍ وَأَحْمَد فِي الْمَنْصُوصِ عَنْهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute