للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الْمُدَبَّرَاتُ الْمَقْهُورَاتُ، وَكَذَلِكَ بَنُو آدَمَ عِبَادَةُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، فَهَذِهِ أَسْمَاؤُهَا الْحَقُّ وَهِيَ تُبْطِلُ إلَهِيَّتَهَا؛ لأنَّ الْأسمَاءَ الَّتِىِ مِن لَوَازِمِ الْإِلَهِيَّةِ مُسْتَحِيلَةٌ عَلَيْهَا؛ فَظَهَرَ أَنَّ تَسْمِيَتَهَا آلِهَةً مِن أَكْبَرِ الْأدِلَّةِ عَلَى بُطْلَانِ إلَهِيَّتِهَا وَامْتِنَاعِ كَوْنِهَا شُرَكَاءَ لله عز وجل. [١٥/ ١٩٦ - ١٩٧]

* * *

[سورة الحجر]

١٥١٣ - {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (٧٥)} [الحجر: ٧٥].

قال ابن القيم رحمه الله: وَلَقَد شَاهَدْتُ مِنْ فِرَاسَةِ شَيْخِ الْإسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ رحمه الله أُمُورًا عَجِيبَةً، وَمَا لَمْ أُشَاهِدْهُ مِنْهَا أَعْظَمُ وَأَعْظَمُ، وَوَقَائِعُ فِرَاسَتِهِ تَسْتَدْعِي سِفْرًا ضَخْمًا.

أَخْبَرَ أصْحَابَهُ بِدُخولِ التّتَارِ الشَّامَ سَنَةَ تِسْعٍ وَتسْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَأَنَّ جُيُوشَ الْمُسْلِمِينَ تُكْسَرُ، وَأَنَّ دِمَشْقَ لَا يَكُونُ بِهَا قَتْلٌ عَام وَلَا سَبْيٌ عَامٌّ، وَأَنَّ كَلَبَ الْجَيْشِ وَحِدَّتَهُ فِي الْأَمْوَالِ. وَهَذَا قَبْلَ انْ يَهُمَّ التتارُ بِالْحَرَكَةِ.

ثُمَّ أَخْبَرَ النَّاسَ وَالْأُمَرَاءَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِمِائَةٍ لَمَّا تَحَرَّكَ التَّتَارُ وَقَصَدُوا الشَّامَ: أَنَّ الدَّائِرَةَ وَالْهَزِيمَةَ عَلَيْهِمْ، وَأَنَّ الظَّفَرَ وَالنَّصْرَ لِلْمُسْلِمِينَ. وَأَقْسَمَ عَلَى ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ يَمِينًا. فَيُقَالُ لَهُ: قُلْ إِنْ شَاءَ اللهُ. فَيَقُولُ: إِنْ شَاءَ اللهُ تَحْقِيقَا لَا تَعْلِيقًا، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ ذَلِكَ.

قَالَ: فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَيَّ، قُلْتُ: لَا تُكْثِرُوا، كَتَبَ اللهُ تَعَالَى فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ أنَّهُمْ مَهْزُومُونَ فِي هَذِهِ الْكَرَّةِ، وَأَنَّ النَّصْرَ لِجُيُوشِ الْإِسْلَامِ.

قَالَ: وَأَطْمَعَتْ بَعْضَ الْأمَرَاءِ وَالْعَسْكَرِ حَلَاوَةُ النَّصْرِ قَبْلَ خُرُوجِهِمْ إِلَى لِقَاءِ الْعَدُوِّ.

وَكَانَتْ فِرَاسَتُهُ الْجَرِيْئَةُ (١) فِي خِلَالِ هَاتَيْنِ الْوَاقِعَتَيْنِ مِثْلَ الْمَطَرِ.


(١) في الأصل: (الجزئية) وهو غلط. (الجامع).

<<  <  ج: ص:  >  >>