للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(لَمْ يُؤَاخِ النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- بَيْنَ مُهَاجِرٍ وَمُهَاجِرٍ، وَأَنْصَارِيٍّ وَأَنْصَارِيٍّ)

٥٢٣٢ - مَا يَذْكُرُ بَعْضُ الْمُصنِّفِينَ فِي السِّيرَةِ مِن أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- آخَى بَيْنَ عَلِيٍّ وَأبِي بَكْرٍ، وَنَحْو ذَلِكَ: فَهَذَا بَاطِلٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِحَدِيثِهِ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يُؤَاخِ بَيْنَ مُهَاجِرٍ وَمُهَاجِرٍ، وَأَنْصَارِيٍّ وَأَنْصَارِيٍّ، وَإِنَّمَا آخَى بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَكَانَت الْمُؤَاخَاةُ وَالْمُحَالَفَةُ يَتَوَارَثُونَ بِهَا دُونَ أَقَارِبِهِمْ، حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأنفال: ٧٥] فَصَارَ الْمِيرَاثُ بِالرَّحِمِ دُونَ هَذِهِ الْمُؤَاخَاةِ وَالْمُحَالَفَةِ. [٣٥/ ٩٣]

* * *

[الكفر والردة]

٥٢٣٣ - الْكفْرُ: هُوَ عَدَمُ الْإِيمَانِ، سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ تَكْذِيبٌ، أَو اسْتِكْبَارٌ، أَو إبَاءٌ، أَو إعْرَاضٌ، فَمَن لَمْ يَحْصُلْ فِي قَلْبِهِ التَّصْدِيقُ وَالِانْقِيَادُ فَهُوَ كَافِرٌ. [٧/ ٦٣٩]

٥٢٣٤ - أَبُو حَنِيفَةَ رَأَى أَنَّ الْكُفْرَ مُطْلَقًا إنَّمَا يُقَاتَلُ صَاحِبُهُ لِمُحَارَبَتِهِ، فَمَن لَا حِرَابَ فِيهِ لَا يُقَاتَلُ، وَلهَذَا يَأْخُذُ الْجِزْيَةَ مِن غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ الْعَرَبِ وَإِن كَانُوا وَثَنِيِّينَ.

وَقَد وَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ مَالِكٌ وَأَحْمَد فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ، وَمَعَ هَذَا يَجُوزُ الْقَتْلُ تَعْزِيرًا وَسِيَاسَةً فِي مَوَاضِعَ (١).

وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَعِنْدَهُ نَفْسُ الْكُفْرِ هُوَ الْمُبِيحُ لِلدَّمِ، إلَّا أَنَّ النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ


(١) وقد ذكر الشيخ أَنَّ أبا حنيفةَ لَا يُوجِبُ قَتْلَ أحَدٍ عَلَى تَرْكِ وَاجِبِ أَصْلًا حَتى الْإيمَانِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَقْتُلُ إلَّا الْمُحَارِبَ لِوُجُودِ الْحِرَابِ مِنْهُ، وَهُوَ فِعْلُ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَيُسَوِّي بَيْنَ الْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ وَالطَّارِئِ، فَلَا يَقْتُلُ الْمُرْتَدَّ لِعَدَمِ الْحِرَابِ مِنْهُ، وَلَا يَقْتُلُ مَن تَرَكَ الصَّلَاةَ أو الزَّكَاةَ إلَّا إذَا كَانَ فِي طَائِفَةٍ مُمْتَنِعَةٍ فيقَاتِلُهُم لِوُجُودِ الْحِرَابِ، كَمَا يُقَاتِلُ الْبُغَاةَ.
وَأَمَّا الْمَنْهِيُّ عَنْهُ فَيَقْتُلُ الْقَاتِلَ وَالزَّانيَ الْمُحْصَنَ وَالْمُحَارِبَ إذَا قتَلَ. (٢٠/ ٩٩ - ١٠٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>