للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَمَنِ احْتَجَّ عَلَى وَفَاتِهِ بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "أَرَأَيْتُكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ فَإِنَّهُ عَلَى رَأسِ مِائَةِ سَنَةٍ لَا يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهَا الْيَوْمَ أَحَدٌ"، فَلَا حُجَّةَ فِيهِ، فَإِنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْخَضِرُ إذْ ذَاكَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، وَلِأَنَّ الدَّجَّالَ- وَكَذَلِكَ الْجَسَّاسَةُ- الصَّحِيحُ أَنَّهُ كَانَ حَيًّا مَوْجُودًا عَلَى عَهْدِ النَبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ بَاقٍ إلَى الْيَوْمِ لَمْ يَخْرُجْ، وَكَانَ فِي جَزِيرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ.

فَمَا كَانَ مِن الْجَوَابِ عَنْهُ كَانَ هُوَ الْجَوَابَ عَن الْخَضِرِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لَفْظُ الْأَرْضِ لَمْ يَدْخُلْ فِي هَذَا الْخَبَرِ، أَوْ يَكُونُ أَرَادَ - صلى الله عليه وسلم - الْآدَمِيّينَ الْمَعْرُوفِينَ، وَأَمَّا مَنْ خَرَجَ عَن الْعَادَةِ فَلَمْ يَدْخُلْ فِي الْعُمُومِ، كَمَا لَمْ تَدْخُل الْجِنُّ، وَإِنْ كَانَ لَفْظًا يَنْتَظِمُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ، وَتَخْصِيصُ مِثْلِ هَذَا مِنْ مِثْلِ هَذَا الْعُمُومِ كَثِيرٌ مُعْتَادٌ (١). [٤/ ٣٣٨ - ٣٤٠]

* * *

(صبر يوسف عن مُطَاوَعَةِ امْرَأَةِ الْعَزِيزِ أعظم من صبره على ما فعله به إخوته)

١٢٠٣ - كَانَ صَبْرُ يُوسُفَ عليه السلام عَن مُطَاوَعَةِ امْرَأَةِ الْعَزِيزِ عَلَى شَأنِهَا: أَكْمَلَ مِن صَبْرِهِ عَلَى إِلْقَاءِ إِخْوَتِهِ لَهُ فِي الْجُبّ، وَبَيْعِهِ وَتَفْرِيقِهِمْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِيهِ؛ فَإِنَّ هَذِهِ أُمُورٌ جَرَتْ عَلَيْهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، لَا كَسْبَ لَهُ فِيهَا، لَيْسَ لِلْعَبْدِ فِيهَا حِيلَةٌ غَيْرَ الصَّبْر، وَأَمَّا صَبْر عَنِ الْمَعْصِيَةِ: فَصَبْرُ اخْتِيَارٍ وَرضا وَمُحَارَبَةٍ لِلنَّفْسِ، وَلَا سِيَّمَا


(١) قال عبد الرحمن بن قاسم رحمه الله جامع الفتاوى: "هكذا وجدت هذه الرسالة". اهـ.
وكأنه شكك في صحة نسبة الفتوى لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
وتشكيكُه في محلّه، فهي تخالف ما قرره الشيخ رحمه الله في مواضع من أن الخضر قد مات كما هو مُوضّح في كلامه السابق لهذه الفتوى، وفي غيرها من المواضع، وقد قال في المنهاج (٤/ ٩٣): والذي عليه سائر المحققون أنه مات. اهـ.
ومما يدل على ذلك: أنّ كبار تلاميذه إنما نسبوا عن شيخ الإسلام القول بأنّ الخضر ميّت، منهم ابن القيِّم رحمه الله في المنار المنيف (٦٨)، وابن عبد الهادي رحمه الله كما في العقود الدرية (٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>