١٢٠١ - مُوسَى لَمْ يَكُن يَعْرِفُ الْخَضِرَ، وَالْخَضِرُ لَمْ يَكُن يَعْرِفُ مُوسَى، بَل لَمَّا سَلَّمَ عَلَيْهِ مُوسَى قَالَ لَهُ الْخَضِرُ: وَأَنَّى بِأَرْضِك السَّلَامُ؟
فَقَالَ لَهُ: أَنَا مُوسَى.
قَالَ: مُوسَى بَنِي إسْرَائِيلَ؟
قَالَ: نَعَمْ.
وَقَد كَانَ بَلَغَهُ اسْمُهُ وَخَبَرُهُ وَلَمْ يَكُن يَعْرِفُ عَيْنَهُ.
وَمَن قَالَ إنَّهُ نَقِيبُ الْأَوْليَاءِ أَو أَنَّهُ يُعَلِّمُهُم كُلَّهُم فَقَد قَالَ الْبَاطِلَ.
وَالصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ أَنَّهُ مَيِّتٌ، وَأَنَهُ لَمْ يُدْرِك الْإِسْلَامَ، وَلَو كَانَ مَوْجُودًا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ لَوَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُؤْمِنَ بِهِ وَيُجَاهِدَ مَعَهُ كَمَا أَوْجَبَ اللهُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ.
ثُمَّ لَيْسَ لِلْمُسْلِمِينَ بِهِ وَأَمْثَالِهِ حَاجَةٌ لَا فِي دِينِهِمْ وَلَا فِي دُنْيَاهُم؛ فَإِنَّ دِينَهُم أَخَذُوهُ عَن الرَّسُولِ النَّبِيِّ الْأُمِّي -صلى الله عليه وسلم- الَّذِي عَلَّمَهُم الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ.
وَإِذَا كَانَ الْخَضِرُ حَيًّا دَائِمًا فَكَيْفَ لَمْ يَذْكُر النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- ذَلِكَ قَطُّ؟ وَلَا أَخْبَرَ بِهِ أُمَّتَهُ وَلَا خُلَفَاؤُهُ الرَّاشِدُونَ؟ [٢٧/ ١٠٠ - ١٠١]
١٢٠٢ - وسُئِلَ الشَّيْخُ رحمه الله: هَلْ كَانَ الْخَضِرُ -عَلَيْهِ السَّلَام- نَبيًّا أَوْ وَلِيًّا؟ وَهَلْ هُوَ حَيٌّ إلَى الْآنَ؟ وَإِنْ كَانَ حَيًّا فَمَا تَقُولُونَ فِيمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: "لَوْ كَانَ حَيًّا لَزَارَنِي" هَلْ هَذَا الْحَدِيثُ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟
فَأَجَابَ: أَمَّا نُبُوَّتُهُ: فَمِنْ بَعْدِ مَبْعَثِ رَسُولِ اللّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَمْ يُوحَ إلَيْهِ وَلَا إلَى غَيْرِهِ مِنْ النَّاسِ وَأَمَّا قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي نُبُوَّتِهِ.
وَأَمَّا حَيَاتُهُ: فَهُوَ حَيٌّ، وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ لَا أَصْلَ لَهُ، وَلَا يُعْرَفُ لَهُ إسْنَادٌ، بَل الْمَرْوِيُّ فِي مُسْنَدِ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ: أَنَّهُ اجْتَمَعَ بِالنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وَمَنْ قَالَ إنَّهُ لَمْ يَجْتَمِعْ بِالنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَدْ قَالَ مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ؛ فَإِنَّهُ مِنْ الْعِلْمِ الَّذِي لَا يُحَاطُ بِهِ.