للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

غَنَّى بِذَلِكَ حَرَّكَ الْقُلُوبَ الْمَرِيضَةَ إلَى مَحَبَّةِ الْفَوَاحِشِ، فَعِنْدَهَا يَهِيجُ مَرَضُهُ، وَيَقْوَى بَلَاؤُهُ، وَإِن كَانَ الْقَلْبُ فِي عَافِيَةٍ مِن ذَلِكَ جَعَلَ فِيهِ مَرَضًا، كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: الْغِنَاءُ رُقْيَةُ الزِّنَا. [١٥/ ٣١٣]

١١٦٢ - كَرِهَ الْعُلَمَاءُ الْغَزَلَ مِن الشِّعْرِ الَّذِي يُرَغِّبُ فِيهَا [أي: بِالْفَاحِشَةِ] وَكَذَلِكَ ذِكْرُهَا غِيبَةٌ مُحَرَّمَةٌ، سَوَاءٌ كَانَ بِنَظْمٍ أَو نَثْرٍ، وَكَذَلِكَ التَّشَبُّهُ بِمَن يَفْعَلُهَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ؛ مِثْل الْأمْرِ بِهَا؛ فَإِنَّ الْفِعْلَ يُطْلَبُ بِالْأمْرِ تَارَةً وَبِالْأِخْبَارِ تَارَة. [١٥/ ٣٣٢]

* * *

[سبب وقوع الناس في الحيل]

١١٦٣ - تَأَمَّلْت أَغْلَبَ مَا أَوْقَعَ النَّاسَ فِي الْحِيَلِ فَوَجَدْته أَحَدَ شَيْئَيْنِ: إمَّا ذُنوبٌ جوزُوا عَلَيْهَا بِتَضْيِيقٍ فِي أُمُورِهِمْ، فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا دَفْعَ هَذَا الضِّيقِ إلَّا بِالْحِيَلِ، فَلَمْ تَزِدْهُم الْحِيَلُ إِلَّا بَلَاءً، كَمَا جَرَى لِأَصْحَابِ السَّبْتِ مِن الْيَهُودِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} [النساء: ١٦٠].

وَهَذَا الذَّنْبُ ذَنْبٌ عَمَلِيٌّ.

وَإِمَّا مُبَالَغَة فِي التَّشْدِيدِ لِمَا اعْتَقَدُوهُ مِن تَحْرِيمِ الشَّارعِ فَاضْطَرَّهُم هَذَا الاِعْتِقَادُ إلَى الاِسْتِحْلَالِ بِالْحِيَلِ.

وَهَذَا مِن خَطَأ الاِجْتِهَادِ.

وَإِلَّا فَمَن اتَّقَى اللّهَ وَأَخَذَ مَا أُحِلَّ لَهُ وَأَدَّى مَا وَجَبَ عَلَيْهِ: فَإِنَّ اللّهَ لَا يحوجه إلَى الْحِيَلِ الْمُبْتَدَعَةِ أَبَدًا، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمْ يَجْعَلْ عَلَيْنَا فِي الدِّينِ مِن حَرَجٍ، وَإِنَّمَا بَعَثَ نَبِيِّنَا -صلى الله عليه وسلم- بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ.

فَالسَّبَبُ الْأوَّلُ: هُوَ الظُّلْمُ.

وَالسَّبَبُ الثَّانِي: هُوَ عَدَمُ الْعِلْمِ، وَالظلْمُ وَالْجَهْلُ هُمَا وَصْفٌ لِلْإِنْسَانِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ: {وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب: ٧٢]. [٢٩/ ٤٥ - ٤٦]

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>