للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَإِنْ قَالَ: مَا أُوَفِّيك إلَّا فِي بَلَدٍ آخَرَ غَيْر هَذَا: كَانَ عَلَيْهِ ضَمَانُ مَا يُنْفِقُهُ بِالْمَعْرُوفِ. اهـ (١).

قلت: خالف الشيخ رحمه الله تعالى هنا المذهب الحنبلي في هذه المسألة، قال في الزاد: "وَإنْ أقْرَضَهُ أَثْمَانًا فَطَالَبَهُ بِهَا بِبَلَدٍ آخَرَ لَزِمَتْهُ، وَفِيمَا لِحَمْلِهِ مُؤونَةٌ قِيمَتُهُ"، ولم يذكر الشيخ ابن عثيمين رحمهُ اللهُ قولًا آخر، ولم يُشر إلى رأي شيخ الإسلام. [يُنظر: "الشرح الممتع" (٩/ ١١٥)].

ونقل البعلي في اختياراته (٤٤) عن الشيخ ما يُوافق المذهب فقال: واختار جواز اشتراط الاستيفاء في بلدٍ غير بلد القرض. اهـ.

* * *

(٧) هل تصح الصلاة خَلْفَ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ وَخَلْفَ أَهْلِ الْفجُورِ؟

قال شيخ الإسلام رَحِمَهُ اللهُ في "مجموع الفتاوى": الصَّلَاةُ خَلْفَ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ وَخَلْفَ أَهْلِ الْفُجُورِ: فِيهِ نِزَاعٌ مَشْهُورٌ، لَكِنْ أَوْسَطُ الْأَقْوَالِ فِي هَؤُلَاءِ أَنَّ تَقْدِيمَ الْوَاحِدِ مِن هَؤُلَاءِ فِي الْإِمَامَةِ لَا يَجُوزُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى غَيْرِهِ.

فَإِنَّ مَن كَانَ مُظْهِرًا لِلْفُجُورِ أَو الْبِدَعِ يَجِبُ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ وَنَهْيُهُ عَن ذَلِكَ، وَأَقَلُّ مَرَاتِبِ الْإِنْكَارِ هَجْرُهُ لِيَنْتَهِيَ عَن فُجُورِهِ وَبِدْعَتِهِ.

وَلهَذَا فَرَّقَ جُمْهُورُ الْأَئِمَّةِ بَيْنَ الدَّاعِيَةِ وَغَيْرِ الدَّاعِيَةِ؛ فَإِنَّ الدَّاعِيَةَ أَظْهَرَ الْمُنْكَرَ فَاسْتَحَقَّ الْإِنْكَارَ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ السَّاكِتِ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَن أَسَرَّ بِالذَّنْبِ فَهَذَا لَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ فِي الظَّاهِرِ، فَإِنَّ الْخَطِيئَةَ إذَا خَفِيَتْ لَمْ تَضُرَّ إلَّا صَاحِبَهَا وَلَكِنْ إذَا أُعْلِنَتْ فَلَمْ تُنْكَرْ ضَرَّت الْعَامَّةَ؛ وَلهَذَا كَانَ الْمُنَافِقُونَ تُقْبَلُ مِنْهُم عَلَانِيَتَهُم وَتُوكَلُ سَرَائِرُهُم إلَى اللهِ تَعَالَى بِخِلَافِ مَن أَظْهَرَ الْكُفْرَ.


(١) (٢٩/ ٥٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>