لَمْ يُوَافِقْة، وَهَذَا هُوَ التَّأْوِيلُ فِي اصْطِلَاحِ جُمْهُورِ الْمُفَسِّرِينَ وَغَيْرِهِمْ.
وَهَذَا التَّأْوِيلُ يَعْلَمُهُ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِوَقْفِ مَن وَقَفَ مِن السَّلَفِ عِنْدَ قَوْلِهِ: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} [آل عمران: ٧] .. وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ حَقٌّ بِاعْتِبَار.
وَالْمَعْنَى الثَّالِثُ: أنَّ التَّأْوِيلَ هُوَ الْحَقِيقَةُ الَّتِي يَؤُولُ الْكَلَامُ إلَيْهَا، وَإِن وَافَقَتْ ظَاهِرَهُ.
فَتَأْوِيلُ مَا اخْبَرَ اللهُ بِهِ فِي الْجَنَّةِ مِن الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاللِّبَاسِ وَالنِّكَاحِ وَقِيَامِ السَّاعَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ: هُوَ الْحَقَائِقُ الْمَوْجُودَةُ أنْفُسُهَا، لَا مَا يُتَصَوَّرُ مِن مَعَانِيهَا فِي الْأَذْهَانِ، ويُعَبَّرُ عَنْهُ بِاللِّسَانِ.
وَهَذَا هُوَ التَّأْوِيلُ فِي لُغَةِ الْقُرْآنِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى عَن يُوسُفَ أَنَّهُ قَالَ: {يَاأَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا} [يوسف: ١٠٠].
وَهَذَا التَّأْوِيلُ هُوَ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللهُ.
وَتَأْوِيلُ الصِّفَاتِ: هُوَ الْحَقِيقَةُ الَّتِي انْفَرَدَ اللهُ تَعَالَى بِعِلْمِهَا، وَهُوَ الْكَيْفُ الْمَجْهُولُ. [٥/ ٣٥ - ٣٦]
* * *
[أقوال السلف في باب الأسماء والصفات]
٤٣٠ - نَحْنُ نَذْكُرُ مِن أَلْفَاظِ السَّلَفِ بِأعْيَانِهَا، وَأَلْفَاظِ مَن نَقلَ مَذْهَبَهُمْ:
رَوَى أَبُو بَكْرٍ البيهقي فِي "الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ" بِإِسْنَاد صَحِيحٍ عَن الأوزاعي قَالَ: كُنَّا -وَالتَّابِعُونَ مُتَوَافِرُونَ-: نَقُولُ: إنَّ اللهَ -تَعَالَى ذِكْرُهُ- فَوْقَ عَرْشِهِ، وَنُؤْمِنُ بِمَا وَرَدَتْ فِيهِ السُّنَّةُ مِن صِفَاتِهِ.
وَقَد حَكَى الأوزاعي -وَهُوَ أَحَدُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ فِي عَصْرِ تَابِعِ التَّابِعِينَ، الَّذِينَ هُم "مَالِكٌ" إمَامُ أهْلِ الْحِجَازِ، وَ"الأوزاعي "إمَامُ أَهْلِ الشَّامِ، وَ"اللَّيْثُ" إمَامُ أَهْلِ مِصْرَ، وَ"الثَّوْرِيُّ" إمَامُ أَهْلِ الْعِرَاقِ- حَكَى شُهْرَةَ الْقَوْلِ فِي زَمَنِ