للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَإِنَّهُ إذَا كَانَ وَاجِبًا فِي الصَّلَاةِ فَلَمْ يَأْتِ بِهِ سَهْوًا لَمْ تَبْرَأْ ذِمَّتُهُ مِنْهُ، وَإِن كَانَ لَا يَأْثَمُ؛ كَالصَّلَاةِ نَفْسِهَا إذَا ذَكَرَهَا، فَهَكَذَا مَا يَنْسَاهُ مِن وَاجِبَاتِهَا لَا بُدَّ مِن فِعْلِهِ إذَا ذَكَرَ.

وَأَمَّا الْوَاجِبُ بَعْدَهُ: فَالنِّزَاعُ فِيهِ قَرِيبٌ، فَمَالَ كَثِيرٌ مِمَن قَالَ إنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ: إلَى أَنَّ تَرْكَ هَذَا لَا يُبْطِلُ؛ لأِنَّهُ جَبْرٌ لِلْعِبَادَةِ خَارجٌ عَنْهَا فَلَمْ تَبْطُلْ كَجُبْرَانِ الْحَجِّ.

وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِن هَذَا السُّجُودِ أَو مِن إعَادَةِ الصَّلَاةِ .. ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- لِتَمَامِ الصَّلَاةِ، فَلَا تَبْرَأُ ذِمَّةُ الْعَبْدِ إلَّا بِهِ .. وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَا قَبْلَ السَّلَامِ وَمَا بَعْدَهُ.

فَإِذَا قِيلَ: إنَّهُ يُفْعَلُ وَإِن طَالَ الْفَصْلُ كَالصَّلَاةِ الْمَنْسِيَّةِ: فَهَذَا مُتَوَجِّةٌ قَوِيٌّ .. فَإِنَّ التَّحْدِيدَ بِطُولِ الْفَصْلِ وَبِغَيْرِهِ غَيْرُ مَضْبُوطٍ بِالشَّرْعِ، وَكَذَلِكَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ لَيْسَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ، وَكَذَلِكَ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا قَبْلَ الْحَدَثِ وَبَعْدَهُ؛ بَل عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَهُمَا بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ.

[فصل]

وَمَا شُرِعَ قَبْلَ السَّلَامِ أَو بَعْدَهُ: فَهَل ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْوُجُوبِ؟ أو الِاسْتِحْبَابِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ:

ذَهَبَ كَثِيرٌ مِن أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ إلَى أَنَّ النِّزَاعَ إنَّمَا هُوَ فِي الِاسْتِحْبَابِ وَأَنَّهُ لَو سَجَدَ لِلْجَمِيعِ قَبْلَ السَّلَامِ أَو بَعْدَهُ: جَازَ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ مَا شَرَعَهُ قَبْلَ السَّلَامِ يَجِبُ فِعْلُهُ قَبْلَهُ وَمَا شَرَعَهُ بَعْدَهُ لَا يُفْعَلُ إلَّا بَعْدَهُ، وَعَلَى هَذَا يَدُلُّ كَلَامُ أَحْمَد وَغَيْرِهِ مِن الْأَئِمَّةِ، وَهُوَ


= فأجاب: "إن ذكر في زمن قريب سجد، وإن طال الفصل سقط، مثل أن لا يذكر إلا بعد مدة طويلة، فلو خرج من المسجد فإنه لا يرجع إلى المسجد ويسقط عنه". انتهى. فتاوى ابن عثيمين (١٤/ ٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>