ب- وَالثانِي: "السّنَّةُ الْمُتَوَاتِرَةُ" الَّتِي لَا تُخَالِفُ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ بَل تُفَسِّرُهُ، مِثْلُ أَعْدَادِ الصَّلَاةِ وَأَعْدَادِ رَكَعَاتِهَا وَنُصُبِ الزَّكَاةِ وَفَرَائِضِهَا وَصِفَةِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِن الْأَحْكَامِ الَّتِي لَمْ تعْلَمْ إلَّا بِتَفْسِيرِ السُّنَّةِ.
وَأَمَّا السّنَّةُ الْمُتَوَاتِرَةُ الَّتِي لَا تُفَسِّرُ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ أَو يُقَالُ تُخَالِفُ ظَاهِرَهُ كَالسُّنَّةِ فِي تَقْدِيرِ نِصَابِ السَّرِقَةِ وَرَجْمِ الزَّانِي وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَمَذْهَبُ جَمِيعِ السَّلَفِ الْعَمَلُ بِهَا أَيْضًا إلَّا الْخَوَارجُ.
ج- الطَّرِيقُ الثالِثُ: "السُّنَنُ الْمُتَوَاتِرَةُ" عَن رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إمَّا مُتَلَقَّاةٌ بِالْقَبُولِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهَا؛ أَو بِرِوَايَةِ الثّقَاتِ لَهَا.
وَهَذِهِ أَيْضًا مِمَّا اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى اتِّبَاعِهَا مِن أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ وَالتَّصَوُّفِ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ.
د- الطَّرِيقُ الرَّابعُ: الْإِجْمَاعُ، وَهُوَ مُتَّفَق عَلَيْهِ بَيْنَ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ مِن الْفُقَهَاءِ وَالصُّوفِيَّةِ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْكَلَامِ وَغَيْرِهِمْ فِي الْجُمْلَةِ.
لَكِنَّ الْمَعْلُومَ مِنْهُ هُوَ مَا كَانَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ، وَأَمَّا مَا بَعْدَ ذَلِكَ فَتَعَذَّرَ الْعِلْمُ بِهِ غَالِبًا.
هـ- الطَّرِيقُ الْخَامِسُ: "الْقِيَاسُ عَلَى النَّصّ وَالْإِجْمَاعِ". وَهُوَ حُجَّة أَيْضًا عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْفقَهَاءِ، لَكِنَّ كَثِيرًا مِن أَهْلِ الرَّأيِ أَسْرَفَ فِيهِ حَتَّى اسْتَعْمَلَهُ قَبْلَ الْبَحْثِ عَن النَّصِّ، وَحَتَّى رَدَّ بِهِ النُّصُوصَ، وَحَتَّى اسْتَعْمَلَ مِنْهُ الْفَاسِدَ، وَمِن أَهْلِ الْكَلَامِ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ وَأَهْلِ الْقِيَاسِ مَن يُنْكِرُهُ رَأْسًا، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ كَبِيرَةٌ، وَالْحَقُّ فِيهَا مُتَوَسّطٌ بَيْنَ الْإِسْرَافِ وَالنَّقْصِ.
و- الطَرِيقُ السَّادِسُ: "الِاسْتِصْحَابُ"، وَهُوَ الْبَقَاءُ عَلَى الْأَصْلِ فِيمَا لَمْ يُعْلَمْ ثُبُوتُهُ وَانْتِفَاؤُهُ بِالشَّرْعِ، وَهُوَ حُجَّة عَلَى عَدَمِ الِاعْتِقَادِ بِالِاتِّفَاقِ.
وَهَل هُوَ حُجَّةٌ فِي اعْتِقَادِ الْعَدَمِ؟ فِيهِ خِلَافٌ.
وَمِمَّا يُشْبِهُهُ الِاسْتِدْلَالُ بِعَدَمِ الدَّلِيلِ السَّمْعِيِّ عَلَى عَدَمِ الْحُكْمِ الشَرْعِيِّ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute