(بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ)
٢٥٦١ - قَالَ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: ٩]: لَيْسَ الْمُرَادُ بِالسَّعْيِ الْمَأْمُورِ بِهِ الْعَدْوَ؛ فَإِنَّهُ قَد ثَبَتَ فِي "الصَّحِيحِ" عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: "إذَا أقِيمَت الصَّلَاةُ فَلَا تَأتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ وَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَمْشُونَ وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةَ" (١).
وَلَكِنْ قَالَ الْأَئِمَّةُ: السَّعْيُ فِي كِتَابِ اللهِ هُوَ الْعَمَلُ وَالْفِعْلُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (٤)} [الليل: ٤].
وَلَفْظُ السَّعْيِ فِي الْأصْلِ: اسْمُ جِنْسٍ، وَمِن شَأْنِ أهْلِ الْعُرْفِ إذَا كَانَ الِاسْمُ عَامًّا لِنَوْعَيْنِ فَإِنَّهُم يُفْرِدُونَ أَحَدَ نَوْعَيْهِ بِاسْم ويبْقَى الِاسْمُ الْعَامُّ مُخْتَصًّا بِالنَّوْعِ الْآخَرِ.
كَمَا فِي لَفْظِ "ذَوِي الْأَرْحَامِ" فَإِنَّهُ يَعُمُّ جَمِيعَ الْأقَارِبِ: مَن يَرِثُ بِفَرْضٍ وَتَعْصِيبٍ، وَمَن لَا فَرْضَ لَهُ وَلَا تَعْصِيبَ.
فَلَمَّا مُيِّزَ ذُو الْفَرْضِ وَالْعَصَبَةِ: صَارَ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ ذوو الْأَرْحَامِ مُخْتَصًّا بِمَن لَا فَرْضَ لَهُ وَلَا تَعْصِيبَ.
وَبِسَبَبِ هَذَا الِاشْتِرَاكِ الْحَادِثِ غَلِطَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فِي فَهْمِ الْخِطَابِ بِلَفْظِ السَّعْيِ مِن هَذَا الْبَاب، فَإِنَّهُ فِي الْأَصْلِ عَام فِي كُلِّ ذَهَابٍ وَمُضِيٍّ، وَهُوَ السَّعْيُ الْمَأْمُورُ بِهِ فِي الْقُرْآنِ، وَقَد يَخُصُّ أَحَدَ النَّوْعَيْنِ بِاسْمِ الْمَشْي، فَيَبْقَى لَفْظُ السَّعْيِ مُخْتَصُّا بِالنَّوْعِ الْآخَرِ، وَهَذَا هُوَ السَّعْيُ الَّذِي نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - حَيْثُ قَالَ: "إذَا أقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا تَأْتُوهَا وَأنتُمْ تَسْعَوْنَ وَأْتُوهَا وَأَنتُمْ تَمْشُون". [٢٢/ ٢٥٩ - ٢٦١]
٢٥٦٢ - ثَبَتَ عَنْهُ - صلى الله عليه وسلم - فِي "الصَّحِيحِ": "خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُها وَشَرُّهَا
(١) رواه البخاري (٩٠٨)، ومسلم (٦٠٢).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute