للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[معنى العقل]

٦٨٤ - الْعَقْلُ فِي كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ وَكَلَامِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَسَائِرِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ: هُوَ أَمْرٌ يَقُومُ بِالْعَاقِلِ، سَوَاءٌ سُمِّيَ عَرضى أَو صِفَةً، لَيْسَ هُوَ عَيْنًا قَائِمَةً بِنَفْسِهَا، سَوَاءٌ سُمِّيَ جَوْهَرًا أَو جِسْمًا أَو غَيْرَ ذَلِكَ.

وَإِنَّمَا يُوجَدُ التَّعْبِيرُ بِاسْمِ الْعَقْلِ عَن الذَّاتِ الْعَاقِلَةِ الَّتِي هِيَ جَوْهَرٌ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ فِي كَلَامِ طَائِفَةٍ مِن الْمُتَفَلْسِفَةِ الَّذِينَ يَتَكَلَّمُونَ فِي الْعَقْلِ وَالنَّفْسِ، وَيدَّعُونَ ثُبُوتَ عُقُولٍ عَشَرَةٍ، كَمَا يَذْكُرُ ذَلِكَ مَن يَذْكُرُهُ مِن أَتْبَاعِ أَرِسْطُو أَو غَيْرِهِ مِن الْمُتَفَلْسِفَةِ الْمَشَّائِينَ. [٩/ ٢٧١]

وَالْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّ اسْمَ الْعَقْلِ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ وَجُمْهُورِ الْعُقَلَاءِ إنَّمَا هُوَ صِفَةٌ، وَهُوَ الَّذِي يسَمَّى عَرضى قَائِمًا بِالْعَاقِلِ.

وَعَلَى هَذَا دَلَّ الْقُرْآنُ فِي قَوْله تَعَالَى: {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٧٣)} [البقرة: ٧٣]، وَقَوْلِهِ: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا} [الحج: ٤٦]، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَقْلَ مَصْدَرُ عَقَلَ يَعْقِلُ عَقْلًا.

وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ: فَالْعَقْلُ لَا يُسَمَّى بِهِ مُجَرَّدُ الْعِلْمِ الَّذِي لَمْ يَعْمَلْ بِهِ صَاحِبُهُ، وَلَا الْعَمَلُ بِلَا عِلْمٍ؛ بَل إنَّمَا يُسَمَّى بِهِ الْعِلْمُ الَّذِي يُعْمَلُ بِهِ، وَالْعَمَلُ بالْعِلْمِ (١)، وَلهَذَا قَالَ أَهْلُ النَّارِ: {لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (١٠)} [الملك: ١٠]، وَقَالَ تَعَالَى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا} [الحج: ٤٦] (٢).


(١) فالعقل لَيْسَ هُوَ عَيْنًا قَائِمَةً بِنَفْسِهَا، إنَّمَا هُوَ صِفَةٌ كالحلم والفهم والصبر.
وإذا أردنا تعريف الحلم قلنا مثلًا: هو كظم الغيظ، والشيخ عرف العقل بقوله: الْعِلْمُ الَّذِي يُعْمَلُ بِهِ، وَالْعَمَلُ بِالْعِلْمِ.
(٢) وعلى هذا: فلا يُسمى الكافر عاقلًا؛ لأن العاقل من بحث عن الحق الذي ينجيه بعد مماته ويعمل به.

<<  <  ج: ص:  >  >>